شرح فصوص الحكم - محمد داوود قيصري رومي - الصفحة ٩٠١
وأمثاله ضمير الغائب. فيكون الغيب الذي يدل عليه ضمير (لهم) و (هم) سترا و حجابا لهم عما يراد بالمشهود الحاضر. كما قال: (هم الذين كفروا) بضمير (هم) و وصفهم بالكفر الذي هو الستر. ففي الكلام تقديم وتأخير. تقديره:
فكان الغيب سترا لهم عما يراد بالمشهود الحاضر، كما قال هم الذين كفروا.
والمراد ب‍ (المشهود الحاضر) هو الحق الذي ظهر بنفسه الرحماني، وصار مشهودا في مراتب عالم الأرواح المجردة بالصور النورية، وفي عالم المثال والحس بالصور الحسية، وذكر أيضا مرارا أن الأعيان ما شمت رائحة الوجود بعد، وكل ما في الوجود هو تعينات وصور طارية على الوجود، مثالا لها وعكسا، (67) فإن الأعيان لا تشاهد إلا في مرآة الوجود، والوجود هو الحق، فالمشهود الحق لا غير.
(وهو عين الحجاب الذي هم فيه عن الحق.) أي، ذلك الستر هو عين الحجاب الذي حجبهم عن الحق، أي، ذلك الغيب الذي يدل ضمير الغائب عليه، عين الحجاب الذي هم فيه عن الحق، فإن الغيب من حيث هو غيب شئ واحد، وهو غيب الحق الذي يتستر الكاملون من العباد فيه عند فنائهم من صفاتهم، وهو الغيب الذي يحصل من التقرب بالنوافل. كما قال الشاعر المحقق:
(تسترت عن دهري بظل جناحه * فعيني ترى دهري وليس يراني فلو تسأل الأيام ما اسمى ما درت * وأين مكاني ما درين مكاني) (68) لذلك قال: (فذكرهم الله قبل حضورهم حتى إذا حضروا، تكون الخميرة قد

67 - أي، حال كون الوجود مثالا للتعينات وعكسا. (ج) (68) - ذكر العارف المحقق والوحيد في تقرير المراتب والدرجات، أي مراتب هذا العلم:
(إن الأبيات المذكورة من أبى نواس الشاعر). والشارح زعم أنها من المحقق في الفن. (ج)
(٩٠١)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 896 897 898 899 900 901 902 903 904 905 906 ... » »»