وفيات الأئمة - من علماء البحرين والقطيف - الصفحة ١٠٧
حين قبضه إليه، لقد اختصه الله بفضل لم تعدوا بمثله ولم تجدوا مثل سابقته، فهيهات هيهات، طالما قلبتم له الامر حتى أعلاه الله عليكم، وهو صاحبكم في بدر وأخواتها، جرعكم رتقا، وسقاكم علقا، وأذل رقابكم، وأشرقكم بريقكم، فلستم بملومين على بغضه، وأيم الله لا ترى أمة محمد خفضا ما دامت ساداتهم وقادتهم بني أمية، ولقد وجه الله إليكم فتنة لم تصدروا عنها حتى تهلكوا، لطاعتكم طواغيتكم وانضوائكم، فعند الله احتسب ما مضى وما ينتظر من حسن رعيتكم وحتف حكمكم.
ثم قال: يا أهل الكوفة، فارقكم بالأمس سهم من مرامي الله صائب على أعداء الله، نكال على فجار قريش، لم يزل آخذا بحناجرها، جاثما على أنفاسها، ليس بالملومة في أمر الله، ولا بالسروقة في مال الله، ولا بالفروقة في حرب أعداء الله، أعطى الكتاب خواتمه وعزائمه، دعاه فأجابه، وقاده فاتبعه، لا تأخذه في الله لومة لائم، صلوات الله عليه ورحمته يوم قبض ويوم يبعث حيا.
فأراد معاوية أن يخجله ويقطع عليه كلامه، فقال: يا حسن حدثنا بنعت الرطب كيف يكون، فقال:
نعم يا معاوية إن الرطب أولا تلقحه الشمال، وتخرجه الجنوب، وتنضجه الشمس، ويصبغه القمر، وتنفحه الريح، والليل يبرده، والبرودة تحليه وتطيبه، ثم استمر في كلامه وقال: أيها الناس أنا ابن مروة والصفا، أنا ابن محمد المصطفى، أنا ابن علي المرتضى، أنا ابن من على الجبال الرواسي علا، أنا ابن من كسى محاسن وجهه الحيا، أنا ابن فاطمة الزهراء سيدة النساء، أنا ابن عديمات العيوب، أنا ابن نقيات الجيوب، أنا ابن أزكى الورى طرا، وكفاني بهذا فخرا.
ثم أن معاوية أمر المؤذن أن يؤذن ويقطع عليه كلامه، فلما قال المؤذن
(١٠٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 102 103 104 105 106 107 108 109 110 111 112 ... » »»
الفهرست