مجموعة الرسائل - الشيخ لطف الله الصافي - ج ١ - الصفحة ١٩٥
وكأنه ظن أن الشارع الحكيم العالم بالمغيبات الذي أرسل رسوله الخاتم بالدين الذي ختم به الأديان، وشرائع الأحكام التي ختم بها الشرائع، لم يكن عالما بأن المرأة سوف تقطع أشواطا في العلم.
وكأنه زعم أن ما جاء في الكتاب والسنة من الأحكام المختصة بالنساء أو الرجال مختص بعصر الرسول (صلى الله عليه وآله) وعصور لم تتقدم فيها المرأة التقدم الذي وصفه! فقوله تعالى (الرجال قوامون على النساء) وقول نبيه (صلى الله عليه وآله) (لن يفلح أمر قوم أسندوا أمرهم إلى امرأة) وغيرهما من النصوص ساقطة - والعياذ بالله - عن الاعتماد والاستناد إليها!
أو لم يكن في عصر الرسالة من النساء من كانت أبصر وأحذق في الأمور من كثير من الرجال؟ ألم تتول في إيران السلطنة والملك امرأة من بني ساسان فقال رسول الله (صلى الله عليه وآله) فيها (لن يفلح قوم أسندوا أمرهم إلى امرأة).
هذا مضافا إلى أن الرجال كانوا إلا القليل منهم كالنساء في الأمية، فلو كانت علة بعض الفروق الشرعية بين المرأة والرجل أمية النساء كان اللازم جعل ذلك الأميين وغيرهم رجالا ونساءا.
فاتضح بذلك أن حكمة الفرق في بعض الأحكام بين الرجال والنساء ليست ما زعمه الكاتب من أمية النساء في عصر الرسالة وتأخرهن عن الرجال في بعض الكفاءات.
وقد ظهر مما ذكرناه أنه لا يجوز للمؤمن بالدين الحنيف وخاتميته وبقاء أحكامه إلى آخر الدهر مواجهة النصوص، وردها بهذه المحامل الفاسدة التي لو فتح بابها لا يبقى نص ولا حكم في مأمن منها، بل تكون كل الأحكام والقوانين المالية والسياسية والاجتماعية والشخصية معرضا للتغيير والتبديل المستمر.
فيمكن أن يقال مثلا إن الطلاق إنما جعل بيد الرجل دون المرأة حينما كانت المرأة تعيش عيشة الأمية، ولا تعرف شيئا عن حقوقها الإنسانية إلا أن تكون خادمة للزوج والبيت حاضنة للطفل، وأما في عصر تتنافس النساء مع الرجال في العلوم والفنون، وظهور المرأة أكثر حذقة من الرجال في تدبير المجتمع والدولة، فكيف نسمح أن يكون أمر الطلاق بيد الرجل يطلق امرأته في أي زمان شاء، ولا يكون للمرأة ذلك؟!
(١٩٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 190 191 192 193 194 195 196 197 199 200 201 ... » »»