رجال تركوا بصمات على قسمات التاريخ - السيد لطيف القزويني - الصفحة ٢٢٨
هذا الجيش فانتصرا عليه وحطماه.
الا أن ابن طباطبا كان قد توفى بعد هذه المعركة (1)، وحل محله محمد بن زيد ابن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب (ع)، وكان هذا العلوي شابا حدث السن ضعيف السيطرة، فكانت الأمور ومقاليد الحكم بيد أبى السرايا.
وعاود العباسيون الكرة فأرسلوا أربعة آلاف مقاتل فاشتبك معهم أبو السرايا في معركة طاحنة، لم يفلت منها أحد منهم، فوقعوا بين قتيل وأسير بيد أبى السرايا تحت سيطرة الثوار، وقوي مركزهم، فأصدروا عملتهم بشكل مستقل بالكوفة وكتبوا عليها: (ان الله يحب الذين يقاتلون في سبيله صفا كأنهم بنيان مرصوص) (2) وتعاظمت قواتهم العسكرية فأرسل أبو السرايا الجيوش إلى البصرة وواسط ونواحيهما، فاحتل البصرة بقيادة زيد بن موسى بن جعفر وصار زيد واليا عليها، وقد كان واليا على مدينة الأهواز فانطلق للزحف منها على البصرة (3)، وولى مكة الحسين بن الحسن بن علي بن الحسين بن علي الأفطس، وولى اليمن إبراهيم بن موسى بن جعفر، وولى الأهواز زيد بن موسى بن جعفر، ووجه محمد بن سليمان بن داود بن الحسن بن الحسن بن علي إلى المدائن: وأمره أن يأتي بغداد من الجانب الشرقي] فأتاها [وأقام فيها وسير عسكره] منها [إلى ديالى.
كما هزمت جيوشه جيش العباسيين في واسط، واستمرت المعارك والمناوشات سجالا بين أبى السرايا والعباسيين، حتى انهزم أمامهم وهرب من الكوفة في السادس عشر من المحرم سنة (200) ه‍ وكانت نهايته في عام (200) ه‍.
حيث قتل وحمل رأسه إلى المأمون ونصبت جثته على جسر بغداد بعد أن دامت حركته مدة عشرة أشهر فقط.
وهكذا فشلت حركة ابن طباطبا وأبى السرايا، وبانتهائها وفشلها بدأت حركة علوية أخرى امتدادا لها، أو تأثرا بها، وهي حركة إبراهيم بن الإمام موسى بن جعفر (ع)، وقد انفجرت هذه الثورة اثر قيام ثورة أبى السرايا وابن طباطبا، فقد شجعت] ثورتهما [إبراهيم على التحرك نحو اليمن والانطلاق منها.
لقد كان إبراهيم في مكة، وحين بلغه خبر ثورة أبى السرايا اتجه إلى اليمن، لتفجير الثورة وقيادة الاتباع والأنصار هناك، فاستولى على اليمن بعد قتال يسير وأذعنت للسلطة العلوية وخضعت لقيادته (4).
ومن الثورات المهمة التي وقعت في عهد الإمام الرضا (ع)، ثورة محمد بن الإمام

١ - أبو الفرج الأصفهاني / مقاتل الطالبيين / ص ٥٣١ في الهامش.
٢ - أبو الفرج الأصفهاني / مقاتل الطالبين / ص ٥٣١ في الهامش.
٣ - استفيدت هذه الاحداث من الكامل في التاريخ / ج ٦ / ص ٣٠٢ وما بعدها.
٤ - أبو الفرج الأصفهاني / مقاتل الطالبيين / ص 534. ابن الأثير / الكامل في التاريخ / ج 6 ص 310.
(٢٢٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 223 224 225 226 227 228 229 230 231 232 233 ... » »»