غيره مقامه، بخلاف البيع فإنه لا يحلف به فيقوم غيره مقامه. ا ه.
وحاصل ما يقال في التفويض: لو قال رجل لآخر فوضت أمر مالي إليك صار وكيلا في الحفظ، ولو قال: فوضت أمري إليك، قيل باطل، وقيل يصير وكيلا بالحفظ والنفقة، ولو قال أنت وكيلي في كل شئ جائز أمرك فهو وكيل بالحفظ والبيع والشراء والهبة والصدقة، لأنه فوض إليه التصرفات عاما فصار كأنه قال ما صنعت من شئ فهو جائز فيملك أنواع التصرفات، وعليه فلو طلق امرأته يصح.
قال أبو نصر: لو طلق الوكيل امرأة الموكل في هذه الصورة أو وقف أرضه لا يجوز، وبه أخذ الفقيه أبو الليث، وهكذا كان يقول لمن قال لغيره وكلتك في أموري، لان الوكيل لو طلق امرأته أو أعتق أو وقف أرضه لا يجوز، وكان يقول: لا نراه بمثل هذا التوكيل توكيلا بالطلاق والعتاق. وكان الصدر الشهيد وتاج الدين يستحسن قول الفقيه أبي النصر. وعن أبي حنيفة ما يؤكد هذا، فإنه قال في هذه الصورة: هذا توكيل بالمعاوضات دون الهبات والاعتاق، وبه يفتى من التتارخانية.
والحاصل: أن التفويض ينتظم به التوكيل كالاذن، ولا ينتظم الطلاق والعتاق على ما فيه من الخلاف. قوله: (ففعل الثاني بحضرته) لان المقصود حضور رأيه وقد حصل، وترجع الحقوق إلى الثاني في الأصح كما يذكره الشارح لأنه العاقد. وقيل إلى الأول، لان الموكل رضي بلزوم العهدة للأول، وظاهر كلامه الاكتفاء بالحضرة وهو قول البعض، والعامة على أنه لا بد من إجازة الوكيل أو الموكل، وأن حضرة الوكيل الأول لا تكفي كما في النهاية والسراج والخانية قيد بالعقد احترازا عن الطلاق والعتاق لأنهما يقبلان التعليق بالشرط، فكأن الموكل علقه بلفظ الأول قال في البحر: ويزاد الابراء عن الدين كما سيذكره المصنف، فإذا وكله بأن يبرئ غريمه فوكل الوكيل فأبرأه بحضرة الأول لم يصح ويزاد الخصومة وقضاء الدين كما يذكره المصنف، فلا تكفي الحضرة كما في شرح المجمع، ويخالفه في الخصومة ما في الخانية الخ البحر، ومنه يعلم ما في كلام الشارح من الايهام، إذ ظاهر كلامه يفيد أن الاكتفاء بالحضرة في غير الخصومة أيضا بالنسبة للخانية، وليس كذلك كما نبه عليه أبو السعود.
قوله: (فأجازه الوكيل الأول صح) وهو المعتمد لان توكيل الوكيل لما لم يصح التحق بالعدم فيكون الثاني فضوليا لا يتم بمجرد حضرة الأول حتى يجيزه، وقيل تكفي الحضرة من غير توقف على الإجازة، لأنه إنما فعل بأمره وبحضرته فأغناه عن الإجازة.
أقول: هذا إذا لم يبين الثمن كما في شرح المجمع لابن ملك، فإن كان بينه جاز بلا إجازته. ا ه: يعني لو قدر الوكيل للثاني ثمنا، بأن قال بعه فكذا فباعه الثاني بغيبته جاز بلا إجازة الأول، وهذه رواية كتاب الرهن، ووجهها أن مقصود الموكل أن يكون البيع برأي الوكيل الأول، وإذا قدر ثمنا فهو بيع برأيه، وهذا بخلاف ما لو وكل وكيلين وقدر الثمن فباع أحدهما بذلك الثمن حيث لم يجزه، لان المقصود هنا اجتماع رأيهما في الزيادة واختيار المشتري، وعلى رواية كتاب الوكالة لا يجوز، لان الأول لو كان هو الذي يباشر ربما يبيع بالزيادة على ذلك المقدار لذكائه وهدايته كما في حواشي الأشباه.
قوله: (لتعلقهما بالشرط) أي لجواز تعلقهما بالشرط بخلاف البيع. قوله: (فكأن الموكل علقه بلفظ