تكملة حاشية رد المحتار - ابن عابدين ( علاء الدين ) - ج ١ - الصفحة ٧٠٥
وإنما الخلاف في اللزوم ومعناه أنه إذا وكل من غير رضاه هل يرتد برده أو لا فعند أبي حنيفة نعم وعندهما لا ويجبر، فعلى هذا يكون قوله لا يجوز التوكيل بالخصومة إلا برضا الخصم مجازا لقوله، ولا يلزم ذكر الجواز وأراد اللزوم فإن الجواز لازم للزوم، فيكون ذكر اللازم وأراد الملزوم وفيه نظر لأنا لا نسلم أن الجواز لازم للزوم عرف ذلك في أصول الفقه سلمناه، لكن ذلك ليس بمجاز، والحق أن قوله لا يجوز التوكيل بالخصومة إلا برضا الخصم في قوة قولنا التوكيل بالخصومة غير لازم، بل إن رضي به الخصم صح، وإلا فلا حاجة إلى قوله: ولا خلاف في الجواز وإلى التوجيه بجعله مجازا لهما أن التوكيل تصرف في خالص حقه: أي في حق الموكل وهذا لأنه وكله إما بالجواب أو بالخصومة وكلاهما حق الموكل، فإذا كان كذلك فلا يتوقف على رضا غيره كالتوكيل بتقاضي الديون: أي بقبض الديون، لأنه وكله بالجواب والخصومة لدفع الخصم عن نفسه وذلك حقه لا محالة والتصرف في خالص حقه لا يتوقف على رضا غيره كالتوكيل بالتقاضي أي بقبض الديون وإيفائها، ولأبي حنيفة رحمه الله تعالى أنا لا نسلم أنه تصرف في خالص حقه، فإن الجواب مستحق على الخصم، ولهذا يستحضره في مجلس القاضي والناس يتفاوتون في الخصومة وفي جوابها، فرب إنسان يصور الباطل بصورة الحق، ورب إنسان لا يمكنه تمشية الحق على وجهه فيحتمل أن الوكيل ممن له حذق في الخصومات فيتضرر بذلك الخصم، فيشترط رضاه والمستحق للغير لا يكون خالصا له سلمنا خلوصه له لكن تصرف الانسان في خالص حقه إنما يصح إذا لم يتضرر به غيره، وها هنا ليس كذلك، لان الناس متفاوتون في الخصومة. فلو قلنا بلزومه: أي التوكيل بالخصومة لتضرر به الخصم، فيتوقف على رضاه كالعبد المشترك إذا كاتبه أحد الشريكين فإنها تتوقف على رضا الآخر وإن كان تصرفا في خالص حقه لمكان ضرر الشريك الآخر بين أن يرضى به وبين أن يفسخه دفعا للضرر عنه، فيتخير بين القضاء والفسخ، وعلى هذا فإذا كانت الوكالة برضا الخصم كانت لازمة بالاتفاق، فلا ترتد برد الخصم ويلزمه الحضور. والجواب بخصومة الوكيل وإذا كانت بلا رضاه صحت، ولكن يقبل عند الامام الارتداد برده ولا يلزمه الحضور والجواب بخصومة الوكيل كما في الشروح. قوله: (والمختار للفتوى تفويضه للحاكم) أي القاضي بحيث أنه إذا علم من الخصم التعنت في الاباء عن قبول التوكيل، لا يمكنه من ذلك وإن علم من الموكل قصد الاضرار لخصمه بالحيل كما هو صنيع وكلاء المحكمة لا يقبل منه التوكيل إلا برضاه وهو اختيار شمس الأئمة السرخسي، كذا في الكافي ونحوه في الزيلعي. وزاد في معراج الدراية: وبه أخذ الصفار. وقال الامام السرخسي: إذا علم القاضي التعنت من المدعي في إباء التوكيل يفتي بالقبول بغير رضاه وهو الصحيح. وفي الخلاصة: قال شمس الأئمة الحلواني في أدب القاضي المفتي مخير في هذه المسألة إن شاء أفتى بقول أبي حنيفة رحمه الله تعالى، وإن شاء أفتى بقولهما، ونحن نفتي أن الرأي إلى القاضي ا ه‍. هذا في قضاتهم لما علموا من أحوالهم من الصلاح والدين. أما قضاة زماننا فلا يلاحظون ما قالوه بيقين، بل قصدهم حصول المحصول، ولو علموا من الوكيل التزوير أو الاضرار في الدعوى. وفي غاية البيان: الأولى أن لا يحضر مجلس الخصومة بنفسه عندنا وعند العامة. وقال البعض: الأول أن يحضر بنفسه، لأنه الامتناع من الحضور إلى مجلس القاضي من علامات المنافقين، والجواب الرد من المنافقين والإجابة من المؤمنين اعتقادا ا ه‍.
(٧٠٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 700 701 702 703 704 705 706 707 708 709 710 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 كتاب الأشربة 3
2 كتاب الصيد 18
3 كتاب الرهن 36
4 باب ما يجوز ارتهانه وما لا يجوز 49
5 باب الرهن يوضع على يد عدل 63
6 باب التصرف والجناية عليه وجنايته على غيره 69
7 فصل في مسائل متفرقة 83
8 كتاب الجنايات 91
9 باب القود فيما دون النفس 117
10 باب الشهادة في القتل واعتبار حالته 136
11 كتاب الديات 143
12 باب ما يحدثه الرجل في الطريق وغيره 164
13 باب جناية البهيمة والجناية عليها 175
14 باب جناية المملوك والجناية عليه 186
15 باب القسامة 201
16 كتاب المعاقل 218
17 كتاب الوصايا 226
18 باب الوصية بثلث المال 248
19 باب العتق في المرض 261
20 باب الوصية للأقارب وغيرهم 265
21 باب الوصية بالخدمة والسكنى والثمرة 275
22 باب الوصي 284
23 كتاب الخنثى 315
24 كتاب الفرائض 349
25 باب العول 380
26 باب توريث ذوي الأرحام 386
27 باب المخارج 399
28 مطلب تقرير في النظر بلا علمه 460
29 مطلب الناظر وكيل في حياة الواقف وصي في موته 460
30 مطلب الاجر بقدر المشقة 472
31 كتاب الشهادات 474
32 باب القبول وعدمه 520
33 مطلب إذا سكر الذمي لا تقبل شهادته 524
34 مطلب شهد أن الدائن أبرأهما وفلانا عن الانف 552
35 باب الاختلاف في الشهادة 616
36 باب الشهادة على الشهادة 646
37 مطلب علم القاضي ليس بحجة إلا في كتاب القاضي للضرورة اه‍ منه 652
38 مطلب في معنى قولهم الإساءة أفحش من الكراهة والكراهة أفحش من الإساءة 652
39 مطلب فلان بدون الألف واللام كناية عن الأناسي وبهما كناية عن البهائم 652
40 باب الرجوع عن الشهادة 663
41 مطلب في علة العلة 688
42 كتاب الوكالة 691
43 مطلب يشترط العلم للوكيل بالتوكيل 693
44 مطلب مسألة القمقمة 716
45 باب الوكالة بالبيع والشراء 724
46 مطلب الجهالة ثلاثة أنواع 724
47 مطلب حادثة الفتوى 742
48 فصل لا يعقد وكيل البيع والشراء مع ترد شهادته له 759
49 مطلب تفسير الخيرية 762
50 مطلب في حد الفاحش 767
51 مطلب الشركة مثل المضاربة في أن الأصل فيها الاطلاق 773
52 باب الوكالة بالخصومة والقبض 791
53 باب عزل الوكيل 813