الخمر حقيقة تطلق على من ذكرنا وغيره كل واحد له اسم مثل المثلث، والباذق والمنصف ونحوها، وإطلاق الخمر عليها مجاز وعليه يحمل الحديث ا ه ملخصا. أو هو لبيان الحكم لأنه عليه الصلاة والسلام بعث له لا لبيان الحقائق. قوله: (وحرم قليلها) أي شرب قليلها لئلا يتكرر الآتي من حرمة الانتفاع والتداوي ا ه ح. واحترز به عما قاله بعض المعتزلة إن الحرام هو الكثير المسكر لا القليل قهستاني.
قال في الهداية: وهذا كفر لأنه جحود الكتاب فإنه سماه رجسا، والرجس ما هو محرم العين، وقد جاءت السنة متواترة: أن النبي عليه الصلاة والسلام حرم الخمر وعليه انعقد إجماع الأمة، ولأن قليله يدعو إلى كثيره وهذا من خواص الخمر. قوله: (لعينها الخ) أي لا لعلة الاسكار فتحرم القطرة منها، وهذا علم مما قبله وإنما أعيد لتأكيد الرد على ذلك القول الباطل. قوله: (عشر دلائل) هي نظمها في سلك الميسر، وما عطف عليه وتسميتها رجسا وعدها من عمل الشيطان، والامر بالاجتناب، وتعليق الفلاح باجتنابها وإرادة الشيطان إيقاع العداوة بها، وإيقاع البغضاء، والصد عن ذكر الله تعالى وعن الصلاة، والنهي البليغ بصيغة الاستفهام المؤذن بالتهديد ا ه ح. قوله: (وهي نجسة نجاسة مغلظة) لان الله سماها رجسا فكانت كالبول والدم المسفوح. إتقاني. قوله: (ويكفر مستحلها) لانكاره الدليل القطعي. هداية. قوله: (وسقط تقومها في حق المسلم) حتى لا يضمنها متلفها وغاصبها، ولا يجوز بيعها لان الله تعالى لما نجسها فقد أهانها، والتقوم يشعر بعزتها. وقال عليه الصلاة والسلام: (إن الذي حرم شربها حرم بيعها وأكل ثمنها هداية، وعدم ضمانها لا يدل على إباحة إتلافها.
وقد اختلفوا فيها فقيل: يباح، وقيل: لا يباح إلا لغرض صحيح بأن كانت عند شريب خيف عليه الشرب، وأما إذا كانت عند صالح فلا يباح لأنه يخللها. عناية، وفي النهاية وغيرها عن مجد الأئمة أن الصحيح الثاني، قال أبو السعود: والظاهر أن هذا الخلاف مفرع على الخلاف في سقوط ماليتها، فمن قال إنها مال وهو الأصح قال: لا يباح إتلافها إلا لغرض صحيح ا ه. وهو حسن. قوله: (في حق المسلم) أما الذمي فهي متقومة في حقه كالخنزير حتى صح بيعه لهما، ولو أتلفهما له غير الامام أو مأمورة ضمن قيمتها له كما مر في آخر الغصب. قوله: (لا ماليتها في الأصح) لان المال ما يميل إليه الطبع ويجري فيه البذل والمنع، فتكون مالا لكنها غير متقومة لما قلنا. إتقاني. قوله: (ولو لسقي دواب) قال بعض المشايخ: لو قاد الدابة إلى الخمر لا بأس به، ولو نقل إلى الدابة يكره. وكذا قالوا فيمن أراد تخليل الخمر: ينبغي أن يحمل الخل إلى الخمر، ولو عكس يكره وهو الصحيح. تتارخانية. قوله: (أو لطين) أي لبل طين. قوله: (أو غير ذلك) كامتشاط المرأة بها ليزيد بريق شعرها أو الاكتحال بها أو جعلها في سعوط. تتارخانية. ومنه ما يأتي من الاحتقان بها أو إقطارها في إحليل. قال الإتقاني: لان ذلك انتفاع بالخمر وأنه حرام، وإلا أنه لا يحد في هذه المواضع لعدم الشرب. قوله: (أو لخوف عطش) الإضافة على معنى من: أي خوفه على نفسه من عطش بأن خلاف هلاكه منه ولا يجد ما يزيله به إلا