فغاب ثلاثة أيام وأدركته فكله ما لم ينتن رواه مسلم وأحمد وأبو داود. وروى: أنه عليه الصلاة والسلام كره الصيد إذا غاب عن الرامي وقال: لعل هوام الأرض قتلته فيحمل هذا الحديث على ما إذا قعد عن طلبه والأول على ما إذ لم يقعد ا ه ملخصا.
وأقول: نص عبارة الخانية هكذا: والسابع أن لا يتوارى عن بصره أو لا يقعد عن طلبه فيكون في طلبه ولا يشتغل بعمل آخر حتى يجده، لأنه إذا غاب عن بصره ربما يكون موت الصيد بسبب آخر فلا يحل الخ. فأنت ترى كيف جعل الشرط أحد الامرين: إما عدم التواري، أو عدم القعود لتعبيره بأو، فلعل نسخة الزيلعي بالواو فقال ما قال. وأما التعليل بقوله لأنه إذا غاب الخ: أي مع القعود عن طلبه بدليل قوله في الخانية بعده: وإذا توارى الكلب والصيد عن المرسل أو رمى إلى صيد فوجده بعد ذلك ميتا وفيه سهمه ليس فيه جرح آخر حل أكله إذا لم يترك الطلب، لأنه لا يستطاع الامتناع عن التواري عن البصر فيكون عفوا ا ه، ونحوه في الهداية فيتعين حمل ما أوهم خلافه عليه.
وفي البدائع: ومنها أن يلحقه قبل التواري عن بصره أو قبل انقطاع الطلب، فإن توارى عنه وقعد عن طلبه لم يؤكل، أما إذا لم يتوار عنه أو توارى ولم يقعد عن طلبه أكل استحسانا ا ه. وهذا يعين أن نسخة الخانية بأو لا بالواو، فاغتنم هذا التحرير.
تنبيه: فيما ذكر إشعار بأن مدة الطلب غير مقدرة، وقد قال أبو حنيفة: إنها مقدرة بنصف يوم أو ليلة، فإن طلبه أكثر منه لم يأكل، وفي الزيادات: إن طلبه أقل من يوم أكل كما في المضمرات.
قهستاني.
فروع: في شرح المقدسي: رمى طيرا فوقع في الماء وكان لو دخله بخفه أدركه فاشتغل بنزعه فوجده ميتا حرمه بديع الدين. وقال غيره: يحل لان دخوله مع الخف أضاعه مال وخلاف العادة فصار كنزع الثياب. قال السائحاني: هذا إذا كان فيه حياة غير المذبوح وإلا فلا تعتبر. ولو نصب شبكة أحبولة وسمى ووقع بها صيد ومات مجروحا لا يحل، ولو كان بها آلة جارحة كمنجل وسمى عليه وجرحه حل عندنا، كما لو رماه بها. وفي البزازية: وضع منجلا في الصحراء لصيد حمار الوحش فجاءه فإذا هو متعلق به وهو ميت وكان سمى عند الوضع لا يحل. قال المقدسي: وهذا محمول على ما إذا قعد عن طلبه ا ه. وفيه كلام قدمناه في الذبائح. قوله: (والحياة المعتبرة هنا) أي في الصيد احترازا عما يأتي من المتردية ونحوها. قوله: (فوق ذكاة المذبوح) صوابه حياة المذبوح كما عبر في الملتقى.
قوله: (بأن يعيش يوما الخ) أقول: ذكر صاحب المجمع ذلك في المنخنقة ونحوها. وعبارته مع شرحه: لو ذكى المنخنقة أو الموقوذة وبها حياة حلت في ظاهر الرواية، وكونها بحيث تبقى يوما شرط في رواية عن أبي حنيفة، ويعتبر أبو يوسف أكثر اليوم. وقال محمد: لو فيها أكثر مما في المذبوح تؤكل وإلا فلا اه. قال في البدائع: ذكر الطحاوي قول محمد مفسرا فقال: على قول محمد إن لم يبق معها إلا اضطراب الموت فذبحها لا تحل، وإن كانت تعيش مدة كاليوم أو كنصفه حلت ا ه. وبه يظهر تفسير حياة المذبوح وما فوقها. أما ما في المجمع فليس تفسيرا لها، تأمل. على أن ما نقله عن أبي يوسف هو رواية عنه كما في البدائع. وذكر أن ظاهر الرواية عن أبي يوسف أنه يعتبر من الحياة ما