يعلم أنها تعيش به، فإن علم أنها لا تعيش فذبحها لا تؤكل. قوله: (أما مقدارها) أي مقدار حياة المذبوح. قوله: (فلا يعتبرها هنا) أي في الصيد. قال في الهداية أما إذا شق الكلب بطنه وأخرج ما فيه ثم وقع في يد صاحبه حل، لان ما بقي اضطراب المذبوح فلا يعتبر، كما إذا وقعت شاة في الماء بعد ما ذبحت ا ه.
وفي الخانية: أرسل كلبه المعلم على صيد فجرحه وبقي فيه من الحياة ما يبقى في المذبوح بعد الذبح فأخذه المالك ولم يذكه حل أكله ا ه. زاد في الظهيرية: يحل بالاتفاق لان الأول وقع ذكاة فيستغني عن ذكاة أخرى ا ه.
وحاصله: أن ما فيه حياة المذبوح لم يبق قابلا للذكاة استغناء بالذكاة الاضطرارية، حتى لو وقع في الماء فمات لم يحرم، لان موته لم يضف إلى وقوعه لأنه في حكم الميت قبله فلم تعتبر هذه الحياة، بخلاف المتردية ونحوها فإنها تعتبر فيها الحياة وإن قلت فتحل بالذكاة، فظهر أن بين الصيد وغيره فرقا: وظاهره أنه لا فرق بين أن يكون متمكنا من ذكاة الصيد في هذه الصورة أو لا.
ويخالفه ما في العناية من أنه إن تمكن من ذبحه فلم يذبحه حتى مات لم يؤكل سواء كانت الحياة فيه بينة أو خفية، وإن لم يتمكن: فإن كانت فوق حياة المذبوح فكذلك في ظاهر الرواية، وإن مقدارها أكل ا ه ملخصا: ومقتضاه أن يحمل ما قدمنا عن الخانية على ما إذا لم يتمكن.
ويخالف جميع ذلك ما في الزيلعي حيث قال ما حاصله: إذا أدركه حيا ولم يذكه حرم إن تمكن من ذبحه، وإلا فلو فيه من الحياة قدر ما في المذبوح، بأن بقى: أي الكلب بطنه ونحو ذلك ولم يبق إلا مضطربا اضطراب المذبوح فحلال، قال الصد الشهيد: بالاجماع، وقيل: هذا قولهما. وعنده: لا يحل إلا إذا ذكاه لان الحياة الخفية معتبرة عنده لا عندهما كما في المتردية ونحوها، وإن كان فيه من الحياة فوق ما في المذبوح لا يؤكل في ظاهر الرواية ا ه.
ثم قال: فلا يحل إلا بالذكاة سواء كانت خفية أو بينة بجرح المعلم أو غيره من السباع، وعليه الفتوى لقوله تعالى: * (إلا ما ذكيتم) * (المائدة: 3) فيتناول كل حي مطلقا وكذا قوله عليه الصلاة والسلام: فإن أدركته حيا فاذبحه مطلق، والحديث صحيح رواه البخاري ومسلم وأحمد ا ه. وهو ترجيح لمقابل قول الصدر الشهيد وهو قول الإمام الرازي كما في غاية البيان، ولم أر من رجحه غيره، وهو مخالف لظاهر الهداية وغيرها. وعليه فلا فرق بين الحياة المعتبرة في الصيد وغيره.
والحاصل: أنه لو أخذ الصيد وفيه من الحياة كما في المذبوح ولم يذكه، فعلى ما في الخانية والظهيرية: يحل، وعلى ما العناية: يحل إن لم يتمكن من ذبحه، وعلى ما في الزيلعي: لا يحل أصلا إلا بالذكاة، كما إذا لم يتمكن أو كان فيه من الحياة فوق ما في المذبوح أخذا من إطلاق الأدلة. وحكى في البدائع الأول عن عامة المشايخ، والثالث عن الجصاص، وظاهر كلامه ترجيح الأول، وهو ظاهر ما في الهداية، فتأمل.
ثم اعلم أن هذا كله فيما أدركه وأخذه، فلو أدركه ولم يأخذه: فإن كان وقت لو أخذه أمكنه ذبحه لم يؤكل، وإن كان لا يمكنه أكل. كذا في الهداية. قوله: (في المتردية) أي الواقعة في بئر أو من