____________________
وللآخر أن يردوه لأنه إيثار لبعض الغرماء بالايفاء الحكمي فأشبهه الايثار بالايفاء الحقيقي، والجامع ما في كل واحد منهما من إبطال حق غيره من الغرماء ألا ترى أن الميت بنفسه لا يملك ذلك بمرض موته فكذا من قام مقامه. وإن قضى دينهم قبل أن يردوه جاز لزوال المانع ووصول حقهم، ولو لم يكن للميت غريم آخر جاز الرهن اعتبارا بالايفاء الحقيقي وبيع في دينه لأنه يباع فيه قبل الرهن فكذا بعده، وإذا ارتهن الوصي بدين للميت على رجل جاز لأنه استيفاء فيملكه وله أن يبيعه والله أعلم.
فصل هذا الفصل بمنزلة المتفرقة المذكورة في أواخر الكتب فلذا أخره استدراكا لما فاته فيما سبق. قال رحمه الله: (رهن عصيرا قيمته عشرة بعشرة فتخمر ثم تخلل وهو يساوي عشرة فهو رهن بعشرة) يعني إذا رهن عند مسلم عصيرا إلى آخرها قالوا: ما كان محلا للبيع بقاء يكون محلا للرهن بقاء كما أن ما يكون محلا للبيع ابتداء يكون محلا للرهن ابتداء والخمر محل للبيع بقاء وإن لم يكن محلا له ابتداء.، أقول: لقائل أن يقول لو كان مدار مسألتنا المذكورة على هذا القدر من التعليل لما ظهر فائدة قوله ثم صار خلا في وضع مسألة بل كان يكفي أن يقال ومن رهن عصيرا بعشرة فتخمر فهو رهن بعشرة لكفاية التعليل المذكور بعينه في إثبات هذا المعنى العام فتأمل.
قال صاحب العناية: ولقائل أن يقول ما يرجح إلى المحل فالابتداء والبقاء فيه سواء فما بال هذا تخلف عن ذلك الأصل؟ وقال: ويمكن أن يجاب عنه بأنه كذلك فيما يكون المحل باقيا وههنا يتبدل المحل حكما بتبدل الوصف فكذلك تخلف عن ذلك الأصل اه. أقول: قوله: ثم تخلل وهي تساوي عشرة يشير إلى أن المعتبر فيه في الزيادة والنقصان القمية وليس كذلك بل المعتبر القدر لأن العصير والخل من المقدرات لأنه إما مكيل أو موزون وفيها نقصان القيمة لا يوجب سقوط شئ من ذلك الدين كما في انكسار القلب، وإنما يوجب الخيار على ما ذكرنا لأن الغاية فيه مجرد الوصف وفوات كل شئ من الوصف في المكيل كما مر والموزون لا يوجب سقوط شئ من الدين بإجماع بين أصحابنا فيكون الحكم فيه أنه إن نقص شئ من القدر سقط بقدره شئ من الدين وإلا فلا. وأشار بقوله ثم تخلل إلى أن المرهون عنده مسلم والراهن فلو كان ذميا قال في المبسوط: رهن ذمي من ذمي خمرا فصارت خلا لا ينقص من قيمته بقدره ويبقى رهنا لأن بالتغيير من وصف المرارة إلى الحموضة نقصت المالية عندهم ومقومها مع بقاء العين بحالها وبتبدل الصفة لا يبطل الرهن كما لو كان الرهن قلبا فانكسر وبقي الوزن على حاله، ثم عندهما يتخير الراهن إن شاء افتكه بجميع الدين وأخذه، وإن شاء ضمنه خمرا مثل خمره فيصير
فصل هذا الفصل بمنزلة المتفرقة المذكورة في أواخر الكتب فلذا أخره استدراكا لما فاته فيما سبق. قال رحمه الله: (رهن عصيرا قيمته عشرة بعشرة فتخمر ثم تخلل وهو يساوي عشرة فهو رهن بعشرة) يعني إذا رهن عند مسلم عصيرا إلى آخرها قالوا: ما كان محلا للبيع بقاء يكون محلا للرهن بقاء كما أن ما يكون محلا للبيع ابتداء يكون محلا للرهن ابتداء والخمر محل للبيع بقاء وإن لم يكن محلا له ابتداء.، أقول: لقائل أن يقول لو كان مدار مسألتنا المذكورة على هذا القدر من التعليل لما ظهر فائدة قوله ثم صار خلا في وضع مسألة بل كان يكفي أن يقال ومن رهن عصيرا بعشرة فتخمر فهو رهن بعشرة لكفاية التعليل المذكور بعينه في إثبات هذا المعنى العام فتأمل.
قال صاحب العناية: ولقائل أن يقول ما يرجح إلى المحل فالابتداء والبقاء فيه سواء فما بال هذا تخلف عن ذلك الأصل؟ وقال: ويمكن أن يجاب عنه بأنه كذلك فيما يكون المحل باقيا وههنا يتبدل المحل حكما بتبدل الوصف فكذلك تخلف عن ذلك الأصل اه. أقول: قوله: ثم تخلل وهي تساوي عشرة يشير إلى أن المعتبر فيه في الزيادة والنقصان القمية وليس كذلك بل المعتبر القدر لأن العصير والخل من المقدرات لأنه إما مكيل أو موزون وفيها نقصان القيمة لا يوجب سقوط شئ من ذلك الدين كما في انكسار القلب، وإنما يوجب الخيار على ما ذكرنا لأن الغاية فيه مجرد الوصف وفوات كل شئ من الوصف في المكيل كما مر والموزون لا يوجب سقوط شئ من الدين بإجماع بين أصحابنا فيكون الحكم فيه أنه إن نقص شئ من القدر سقط بقدره شئ من الدين وإلا فلا. وأشار بقوله ثم تخلل إلى أن المرهون عنده مسلم والراهن فلو كان ذميا قال في المبسوط: رهن ذمي من ذمي خمرا فصارت خلا لا ينقص من قيمته بقدره ويبقى رهنا لأن بالتغيير من وصف المرارة إلى الحموضة نقصت المالية عندهم ومقومها مع بقاء العين بحالها وبتبدل الصفة لا يبطل الرهن كما لو كان الرهن قلبا فانكسر وبقي الوزن على حاله، ثم عندهما يتخير الراهن إن شاء افتكه بجميع الدين وأخذه، وإن شاء ضمنه خمرا مثل خمره فيصير