____________________
لاحتمال موته بسبب آخر. قال الحاكم أبو الفضل رحمه الله تعالى وهذا خلاف إطلاق الجواب المذكور في الأصل فيما عدا هذا المفسر لأن حصول الموت بانفلاق الرأس وانشقاق البطن ظاهر وبالرمي موهوم فيتردد فالظاهر أولى بالاعتبار من الموهوم فيحرم بخلاف ما إذا لم ينشق ولم ينفلق لأن موته بالرمي هو الظاهر فلا يحرم، ولا يحمل إطلاق الجواب في الأصل عليه، وحمل السرخسي ما ذكر في المنتقى على ما إذا أصابه حد الصخرة فانشق كذلك، وحمل المذكور في الأصل على أنه إذا لم يصبه من الصخرة إلا ما يصيبه من الأرض أو وقع عليه فحمل كذلك فكلا التأويلين صحيح ومعناهما واحد لأن كلا منهما يحمل ما ذكره في الأصل على ما إذا مات بالرمي، وما ذكره في المنتقى على ما إذا مات بغيره، وفي لفظ المنتقي إشارة إليه ألا ترى أنه قال لاحتمال الموت بسبب آخر أي غير الرمي وهذا يرجع إلى اختلاف اللفظ دون المعنى ولا يبالي به. وإن كان الطير المرمي مائيا فإن لم تنغمس الجراحة في الماء أكل، وإن انغمست لا تؤكل لاحتمال الموت به دون الرمي لأنه يشرب الجرح الماء فيسبب زيادة الألم فصار كما إذا أصابه السهم. قال رحمه الله: (وما قتله المعراض بعرضه أو البندقة حرم) لما رويناه من حديث إبراهيم، ولما روي أن عدي بن حاتم قال للنبي صلى الله عليه وسلم: إني أرمي الصيد بالمعراض فأصيب فقال: إذا رميت بالمعراض فخزقت فكله وإن أصابه بعرضه فلا تأكله. رواه البخاري ومسلم وأحمد. ولما روي أنه عليه الصلاة والسلام نهي عن الحذف وقال: إنها لا تصيد ولكنها تكسر العظم وتفقأ العين. رواه البخاري ومسلم وأحمد. ولان الجرح لا بد منه لما بينا من قبل والبندقة لا تجرح، وكذا عرض المعراض والمعراض سهم لا ريش ولا نصل له وإنما هو حديد الرأس سمي الحديد معراضا لأنه يذهب معترضا وتارة يصيب بعرضه وتارة يصيب بحده. وإن رماه بالسكين أو السيف فإن أصابه بحده أكل وإلا فلا، وإن رماه بحجر فإن كان ثقيلا لا يؤكل. إن جرح لاحتمال أنه قتله بثقله، وإن كان الحجر خفيفا وله حد وجرح لتيقن الموت بالحجر حينئذ. ولو جعل الحجر طويلا كالسهم وهو خفيف وبه حده ورمى به صيدا فإن جرح حل لقتله بجرحه، ولو رماه بمروة حديدة فلم يبضع بضعا لا يحل لأنه قتله دقا، وكذا إذا رماه بها فقطع أوداجه وأبان رأسه لأن العروق قد تنقطع بالثقل فيقع الشك، ويحتمل أنه مات قبل قطع الأوداج. ولو رماه بعود مثل العصا ونحوه لا يحل لأنه قتله ثقلا لا جرحا إلا إذا كان له حد بضع بضعا فيكون كالسيف والرمح. والأصل في جنس هذه المسائل أن الموت إذا حصل بالجرح يتعين حل، وإن حصل بالثقل أو شك فيه فلا يحل حتما أو احتياطا. وإن جرحه فمات كان الجرح مدميا حل بالاتفاق، وإن كان غير مدم اختلفوا فيه، قيل لا يحل لانعدام معنى الذكاة وهو إخراج الدم النجس وشرط النبي صلى الله عليه وسلم إخراج