تكملة البحر الرائق - الشيخ محمد بن حسين بن علي الطوري القادري الحنفي - ج ٢ - الصفحة ٣٧٠
يضر بأهلها لا غلة ضيعته وما جلبه من بلد آخر ولا يسعر السلطان إلا أن يتعدى أرباب الطعام عن القيمة تعديا فاحشا وجاز بيع العصير من خمار وإجارة بيت ليتخذ
____________________
قال رحمه الله: (واحتكار قوت الآدميين والبهائم في بلد لم يضر بأهلها) يعني يكره الاحتكار في بلد يضر بأهلها لقوله عليه الصلاة والسلام الجالب مرزوق والمحتكر ملعون (1) ولأنه تعلق به حق العامة، وفي الامتناع عن البيع ابطال حقهم وتضييق الامر عليهم فيكره.
هذا إذا كانت البلدة صغيرة يضر ذلك بأهلها، أما إذا كانت كبيرة فلا يكره لأنه حابس ملكه. وتخصيص الاحتكار بالأقوات قول الإمام والثالث. وقال أبو يوسف: كل ما يضر العامة فهو احتكار بالأقوات كان أو ثيابا أو دراهم أو دنانير اعتبارا لحقيقة الضرر لأنه هو المؤثر في الكراهة، وهما اعتبر الحبس المتعارف وهو الحاصل في الأقوات في المدة فإذا قصرت لا يكون احتكارا لعدم الضرر إذا طالت يكون مكروها. ثم قيل: هو مقدر بأربعين ليلة لقوله عليه الصلاة والسلام من احتكر طعاما أربعين ليلة فهو برئ من الله والله برئ منه (2) وقيل بالشهر لأن ما دونه قليل عاجل وهو ما فوقه كثير آجل، ويقع التفاوت في المأثم بين أن يتربص العسرة وبين أن يتربص القحط والعياذ بالله. وقيل المدة المذكورة للمراقبة في الدنيا وأما الاثم فيحصل وإن قلت المدة. فحاصله أن التجارة في الطعام غير محمودة. وفي المحيط: الاحتكار على وجوه: أحدها حرام وهو أن يشتري في المصر طعاما ويمتنع عن بيعه عند الحاجة إليه، ولو اشترى طعاما في غير المصر ونقله إلى المصر وحبسه قال الامام: لا بأس به لأن حق العامة إنما يتعلق بما جمع من المصر أو جلب من فنائه. وقال الثاني: بكره وقال محمد: كل بقعة يمتد منها إلى المصر في العادة فهي بمنزلة فناء المصر يحرم الاحتكار منه وهذا في غاية الاحتياط ا ه‍. قال رحمه الله: (لا غلة ضيعته وما جلبه من بلد آخر) يعني لا يكره احتكار غلة أرضه وما جلبه من بلد آخر لأنه خالص حقه فلم يتعلق به حق العامة فلا يكون احتكارا ألا ترى أن له أن لا يزرع ولا يجلب فكذا له أن لا يبيع. وهذا في المجلوب قول الإمام خاصة فإن حق العامة لا يتعلق بما جلب فصار كغلة ضيعته والجامع تعلق حق العامة به، وقدمنا قول محمد وقول أبي يوسف عن المحيط ا ه‍. قال رحمه الله: (ولا يسعر السلطان إلا أن يتعدى أرباب الطعام عن القيمة تعديا فاحشا) لقوله عليه الصلاة والسلام لا تسعروا فإن الله هو المسعر القابض الباسط الرازق (3) ولان الثمن حق البائع وكان إليه تقديره فلا ينبغي للامام أن يتعرض لحقه إلا إذا كان أرباب الطعام يحتكرون على المسلمين ويتعدون

(1) رواه ابن ماجة في كتاب التجارات باب 6. الدارمي في كتاب البيوع باب 12.
(2) رواه ابن ماجة في كتاب التجارات باب 6. أحمد في مسنده (1 / 21) (2 / 23).
(3) رواه الترمذي في كتاب البيوع باب 49. ابن ماجة في كتاب التجارات باب 27. أحمد في مسنده (2 / 237، 372) (3 / 85)
(٣٧٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 361 363 364 365 369 370 371 372 377 379 380 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 كتاب الإجارة 3
2 باب ما يجوز من الإجارة وما يكون خلافا فيها 16
3 باب الإجارة الفاسدة 28
4 باب ضمان الأجير 46
5 باب فسخ الإجارة 61
6 كتاب المكاتب كتاب المكاتب 71
7 باب ما يجوز للمكاتب أن يفعله وما لا يجوز 81
8 باب كتابة العبد المشترك 101
9 باب موت المكاتب وعجزه وموت المولى 107
10 كتاب الولاء كتاب الولاء 116
11 كتاب الاكراه كتاب الاكراه 127
12 باب الحجر 141
13 كتاب المأذون كتاب المأذون 155
14 كتاب الغصب كتاب الغصب 196
15 كتاب الشفعة كتاب الشفعة 228
16 باب طلب 233
17 باب ما يجب فيه الشفعة وما لم يجب 249
18 باب ما تبطل في الشفعة 254
19 كتاب القسمة كتاب القسمة 267
20 كتاب المزارعة كتاب المزارع 289
21 كتاب المساقاة كتاب المساقاة 298
22 كتاب الذبائح كتاب الذبائح 305
23 كتاب الأضحية كتاب الأضحية 317
24 كتاب الكراهية كتاب الكراهية 330
25 فصل في الأكل والشرب 335
26 فصل في اللبس 347
27 فصل في النظر واللمس 351
28 فصل في الاستبراء وغيره 359
29 فصل في البيع 365
30 كتاب إحياء الموات كتاب إحياء الموات 385
31 كتاب الأشربة كتاب الأشربة 399
32 كتاب الصيد كتاب الصيد 406
33 كتاب الرهن كتاب الرهن 427
34 باب ما يجوز ارتهانه والارتهان به وما لا يجوز 445
35 باب الرهن يوضع على يد عدل 468
36 باب التصرف في الرهن والجناية عليه وجنايته على غيره 480