____________________
قال رحمه الله: (وإن اشترى دارا بعرض أو عقار أخذها الشفيع بقيمته ويمثله لو مثليا) لأن الشفعة يتملكها بمثل ما يملكها المشتري به، ثم المثل لا يخلو إما أن يكون مثلا له صورة ومعنى كالمكيل والموزون والعددي المتقارب، أو معنى لا صورة وهو ما عدا ذلك فيعتبر ذلك المثل كما في ضمان العدوان فيأخذ به لأنه بدل لها، ولهذا لو اشترى عقارا بعقار يأخذ كل واحد منهما بقيمة الآخر وقدمنا لو اختلفا في قيمة العروض. قال رحمه الله: (وبحال لو مؤجلا أو يصبر حتى يمضي الاجل فيأخذها) يعني يأخذها الشفيع من المشتري بثمن حال إذا كان الثمن مؤجلا أو يصبر حتى يمضي الاجل فيأخذها عند ذلك، وليس له أن يأخذها في الحال بثمن مؤجل. وقال زفر والشافعي ومالك: له ذلك لأنه يأخذ بمثل ما أخذ المشتري بصفته والأجل صفة الدين. ولنا أن الاجل يثبت بالشرط وليس من لوازم العقد فاشتراطه في حق المشتري لا يكون اشتراطا في حق الشفيع لتفاوت الناس فيه، ولان الاجل حق المطلوب والدين حق الطالب ولهذا لو باع ما اشتراه بثمن مؤجل مرابحة أو تولية لا يثبت الاجل من غير شرط، ولو كان صفة له لثبت. ثم إن أخذها من البائع بثمن حال سقط الثمن عن المشتري لتحول الصفقة إلى الشفيع على ما بينا ورجع البائع على الشفيع، وإن أخذها من المشتري رجع البائع على المشتري بثمن مؤجل، وإن اختار الانتظار كان له ذلك. وقوله أو يصبر عن الاخذ أما الطلب فلا بد منه في الحال حتى لو سكت ولم يطلب بطلت شفعته عند أبي حنيفة ومحمد وبه كان يقول أبو يوسف أولا، ثم رجع عنه وقال: لا تبطل شفعته بالتأخير إلى حلول الأجل. قال رحمه الله: (وبمثل الخمر وقيمة الخنزير إن كان الشفيع ذميا وبقيمتها لو مسلما) يعني إذا اشترى ذمي من ذمي عقارا بخمر أو خنزير فإن كان شفيعها ذميا أخذها بمثل الخمر وقيمة الخنزير لأن هذا البيع بهذا الثمن صحيح فيما بينهم، فإذا صح رتب عليه أحكام البيع ومن جملة الأحكام وجوب الشفعة فيستحقه ذميا كان أو مسلما، غير أن الذمي لا يتعذر عليه تسلم الخمر فيأخذها به لأنه من ذوات الأمثال والمسلم لا يقدر على ذلك لكونه ممنوعا من تمليكه وتملكه فيجب عليه قيمته كما ذكرنا في ضمان العدوان الخنزير من ذوات القيم فيجب عليهما قيمته، ولا يقال قيمة الخنزير تقوم مقام عينه لأنه قيمي فوجب أن يحرم على المسلم تمليكه بخلاف قيمة الخمر على ما عرف في موضعه لأنا نقول: إنما يحرم عليه إذا كانت القيمة بدلا عن الخنزير، وأما إذا كانت بدلا عن غيره فلا يحرم وههنا بدل عن الدار لا عن الخنزير، وإنما الخنزير مقدر بقيمة بدل الدار فلا يحرم عليه تمليكها، فإن أسلم المشتري قبل الاخذ بالشفعة فإن الشفيع يأخذها بقيمة الخنزير، ولو كان شفيعها مسلما وذميا أخذ كل واحد منهما النصف بما ذكرنا من قيمة الخنزير اعتبارا للبعض بالكل. ولو أسلم الذمي صار