تكملة البحر الرائق - الشيخ محمد بن حسين بن علي الطوري القادري الحنفي - ج ٢ - الصفحة ٢٤٧
بنى المشتري أو غرس أو كلف قلعهما وإن قلعهما الشفيع فاستحقت رجع بالثمن فقط
____________________
كلف قلعهما) يعني إذا بنى المشتري أو غرس في الأرض المشفوعة ثم قضى للشفيع بالشفعة فالشفيع بالخيار إن شاء أخذها بالثمن وقيمة البناء والغرس مقلوعا، وإن شاء كلف المشتري قلعه فيأخذ الأرض فارغة. وعن أبي يوسف أنه لا يكلف بالقلع ولكنه بالخيار إن شاء أخذها بالثمن وقيمة البناء والغرس، وإن شاء ترك وبه قال الإمام الشافعي ومالك لأنه ليس متعديا في البناء والغرس لثبوت ملكه فيه بالشراء فلا يعامل بأحكام العدوان فصار كالموهوب له المشتري شراء فاسدا عند الامام، وكما إذا زرعها المشتري فإن كل واحد منهم لا يكلف بالقلع لتصرفه في ملكه، وهذا لأن ضرر الشفيع بالزام قيمة البناء والغرس أهون من ضرر المشتري بالقلع لأن الشفيع يحصل له بمقابلة الثمن عوضان وهو البناء والغرس فلا يعد ضررا، ولم يحصل للمشتري بمقابلة القلع شئ فكان الأول أهون فكان أولى بالتحمل. ووجه ظاهر الرواية أنه بنى في محل تعلق به حق متأكد لغيره من غير تسليط منه فينتقض كالراهن إذا بنى في المرهون ولهذا تنتقض جميع تصرفات المشتري حتى الوقف والمسجد والمقبرة بخلاف الموهوب على قول أبي حنيفة والمشتري شراء فاسدا لأنه فعل بتسليط من المالك ولهذا لا ينتقض تصرفهما. وفي الزرع القياس أن يقلع إلا أننا استحسنا ولذا قلنا لا يقلع لأن له نهاية، وليس على الشفيع كبير ضرر بالتأخير لأنه يترك بأجرته. فإن قلت: الاسترداد عندهما بعد البناء فإن جواز الاسترداد ينافي أنه لا يكلف القلع بل يقتضي القلع كما في الشفيع قلت: يجوز أن يكون مراده بقوله والمشتري شراء فسادا احتجاج من أبي يوسف عن أبي حنيفة بمذهب أبي حنيفة كما أفصح به صاحب غاية البيان وهذا بعيد، والأوجه أن يقال: إن لأبي يوسف في البناء بعد الشراء الفاسد القول المذكور والثاني كما قال الامام ذكره في الايضاح.
قيد بما ذكر احترازا عن الزخرفة. وفي قاضيخان: ولو اشترى الرجل دارا وزخرفها بالنقوش شئ كثير كان للشفيع الخيار إن شاء أخذها وأعطاه ما زاد فيها وإن شاء ترك اه‍. قال في المحيط: لأن نقص صفته لا يمكن وفيه نظر لأن المشتري إذا بنى على الدار المشفوعة كان للشفيع أن ينقض البناء ويأخذ الدار ويعطيه ما زاد فيها. وأجيب بأن البناء إذا قلع له قيمة في الجملة بخلاف الزخرفة. قوله أو بنى أو غرس مثال وليس بقيد لما في المحيط: ولو أن المشتري زرعها رطبة أو كرما يؤمر بقلعه كالبناء.
قول رحمه الله: (وإن قلعهما الشفيع فاستحقت رجع بالثمن فقط) يعني أن الشفيع إذا أخذ الأرض بالشفعة فبنى أو غرس ثم استحقت فكلف المستحق الشفيع بالقلع فقلع البناء والغرس رجع الشفيع على المشتري إن أخذها منه أو على البائع إن أخذها منه بالثمن ولا يرجع بقيمة البناء والغرس. وعن أبي يوسف أنه يرجع بذلك كالمشتري. والفرق بينه وبين المشتري أن المشتري مغرور ومن جهة البائع ومسلط عليه من جهته ولا غرور ولا تسليط
(٢٤٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 239 240 242 243 245 247 248 249 250 253 254 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 كتاب الإجارة 3
2 باب ما يجوز من الإجارة وما يكون خلافا فيها 16
3 باب الإجارة الفاسدة 28
4 باب ضمان الأجير 46
5 باب فسخ الإجارة 61
6 كتاب المكاتب كتاب المكاتب 71
7 باب ما يجوز للمكاتب أن يفعله وما لا يجوز 81
8 باب كتابة العبد المشترك 101
9 باب موت المكاتب وعجزه وموت المولى 107
10 كتاب الولاء كتاب الولاء 116
11 كتاب الاكراه كتاب الاكراه 127
12 باب الحجر 141
13 كتاب المأذون كتاب المأذون 155
14 كتاب الغصب كتاب الغصب 196
15 كتاب الشفعة كتاب الشفعة 228
16 باب طلب 233
17 باب ما يجب فيه الشفعة وما لم يجب 249
18 باب ما تبطل في الشفعة 254
19 كتاب القسمة كتاب القسمة 267
20 كتاب المزارعة كتاب المزارع 289
21 كتاب المساقاة كتاب المساقاة 298
22 كتاب الذبائح كتاب الذبائح 305
23 كتاب الأضحية كتاب الأضحية 317
24 كتاب الكراهية كتاب الكراهية 330
25 فصل في الأكل والشرب 335
26 فصل في اللبس 347
27 فصل في النظر واللمس 351
28 فصل في الاستبراء وغيره 359
29 فصل في البيع 365
30 كتاب إحياء الموات كتاب إحياء الموات 385
31 كتاب الأشربة كتاب الأشربة 399
32 كتاب الصيد كتاب الصيد 406
33 كتاب الرهن كتاب الرهن 427
34 باب ما يجوز ارتهانه والارتهان به وما لا يجوز 445
35 باب الرهن يوضع على يد عدل 468
36 باب التصرف في الرهن والجناية عليه وجنايته على غيره 480