البحر الرائق - ابن نجيم المصري - ج ٦ - الصفحة ٣٨٩
حال غيبة الطالب يجوز إجماعا. ولو اختلفا فقال الطالب أخبرت وقال الكفيل كان إنشاء فالقول للطالب، كذا في البزازية. وفي السراج الوهاج: لو قال ضمنت ما لفلان على فلان وهما غائبان فقبل فضولي ثم بلغهما فأجازا فإن أجاز المطلوب أولا ثم الطالب جازت وكانت كفالة بالامر، وإن كان على العكس جازت وكانت بغير الامر، وإن لم يقبل فضولي عن الطالب لم تجز مطلقا عندهما، وكذا لو كان الطالب حاضرا وقبل ورضي المطلوب فإن رضي قبل قبول الطالب رجع عليه، وإن بعده فلا رجوع اه‍ قوله: (إلا أن يكفل وارث المريض عنه) بأن يقول المريض لوارثه تكفل عني بما علي من الدين فكفل به مع غيبة الغرماء لأن ذلك وصية في الحقيقة ولذا تصح وإن لم يسم المكفول لهم ولهذا قالوا: إنما تصح إذا كان له مال أو يقال إنه قائم مقام الطالب لحاجته إليه تفريغا لذمته وفيه نفع الطالب فصار كما إذا حضر بنفسه. وإنما يصح بهذا اللفظ ولا يشترط القبول لأنه يراد به التحقيق دون المساومة ظاهرا في هذه الحالة فصار كما إذا كفل بنفسه كالأمر بالنكاح. قيد بالوارث لأن المريض لو قال ذلك لأجنبي اختلف المشايخ فيه، فمنهم من قال بالجواز تنزيلا للمريض منزلة الطالب، ومنهم من قال بعدمه لأن الأجنبي غير مطالب بقضاء دينه بلا التزام فكان المريض والصحيح سواء والأول أوجه، كذا في فتح القدير. وحقق أنها كفالة لكن يرد عليه توقفها على المال كما قدمناه. وقيد بالمريض لأن الصحيح لو قال ذلك لوارثه أو غيره لم يصح ومن هنا يقال إنها ليست كفالة من كل وجه لأنها لا تصح إلا إذا كان للمريض مال، فلو كانت كفالة مطلقا لصحت مطلقا وليست وصية من كوجه لأنها لو كانت وصية مطلقا لصح الامر من الصحيح ولذا قال في معراج الدراية في تعليل الكتاب بأن ذلك وصية في الحقيقة نظر إذ لو كانت وصية حقيقة لما اختلف الحكم بين حالة الصحة وحالة المرض إلا أن يؤول بأنه في معنى الوصية في الحقيقة وفيه بعد اه‍. وقد يقال: لا فائدة في هذه الكفالة لأن الوارث مطالب بقضاء دين الميت من مال الميت سواء قال له المريض تكفل عني أو لا، وإذا لم يكن له تركة لا مطالبة عليه، سواء قال له ذلك أم لا، فأي فائدة فيها؟ وقد وقع الاشتباه لعدم الاطلاع على نقل فيما إذا تكفل بعض الورثة بأمر المريض وكان له مال غائب، هل يطالب الكفيل بقضاء دين الميت من ماله ثم يرجع في التركة أو لا؟ ولهذا قال في السراج الوهاج:
إن الورثة يطالبون بدين مورثهم بلا ضمان والضمان ما زاده إلا تأكيدا. وقيد في الهداية المسألة بأمر المريض لورثته لأن الورثة لو قالوا ضمنا للناس كل دين لهم عليك ولم يطلب
(٣٨٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 384 385 386 387 388 389 390 391 392 393 394 ... » »»
الفهرست