البحر الرائق - ابن نجيم المصري - ج ٦ - الصفحة ٣٩٤
قوله: (وندب رده على المطلوب لو شيئا يتعين) أي يستحب رد الربح على الأصيل إذا كان المقبوض شيئا يتعين كالحنطة والشعير، وهذا عند أبي حنيفة في رواية الجامع الصغير.
وقالا: هو له لا يرده وهو رواية عنه. وعنه أنه يتصدق به. لهما أنه ربح في ملكه فيسلم له، وله أنه تمكن الخبث مع الملك إما لأنه بسبيل من الاسترداد بأن يقضيه بنفسه أو لأنه رضي به على اعتبار قضاء الكفيل، فإذا قضاه بنفسه لم يكن راضيا به وهذا الخبث يعمل فيما يتعين فيكون سبيله التصدق في رواية ويرده عليه في أخرى لأن الخبث لحقه، وهذا أصح لكنه استحباب لا جبر لأن الحق للكفيل، كذا في الهداية. وظاهر قوله لا جبر أن المراد بالاستحباب عدم جبر القاضي عليه وهو لا يستلزم عدم الوجوب فيما بينه وبين الله تعالى مع استحبابه في القضاء بالمعنى المذكور، والعبارة المنقولة عن شيخ الاسلام ظاهرها وجوب الرد فيما بينه وبين الله تعالى أو التصدق به غير أنه ترجح الرد، كذا في فتح القدير مختصرا. وقيد بما يتعين لأن ربح ما لا يتعين لا يندب رده على المطلوب. ولم يذكر المصنف رحمه الله تعالى أنه لا يطيب للأصيل إذا رده الكفيل أو لا، وحكمه كما في البناية أنه إذا كان الأصيل فقيرا طاب له وإن كان غنيا ففيه روايتان، والأشبه كما قال فخر الاسلام في شرح الجامع الصغير إنه يطيب له لأنه إنما رده عليه لأنه حقه اه‍. وقيد بالكفيل لأن الغاصب إذا ربح وجب رده على المالك ويجبر على الدفع له لأنه لا حق للغاصب في الربح، كذا في البناية قوله: (ولو أمر كفيله أن يتعين عليه حريرا ففعل فالشراء للكفيل والربح عليه) ومعناه الامر ببيع العينة مثل أن يستقرض من تاجر عشرة فيأبى فيبيع منه ثوبا يساوي عشرة بخمسة عشر مثلا رغبة في نيل الزيادة ليبيعه المستقرض بعشرة ويتجمد خمسة سمي به لما فيه من الاعراض عن الدين إلى العين وهو مكروه لما فيه في الاعراض عن مبرة الاقراض مطاوعة لمذموم البخل، كذا في الهداية. وتعقبه في فتح القدير بأنه غير صحيح هنا إذ ليس المراد من قوله تعين عليه حريرا اذهب فاستقرض فإن لم يرض المسؤول أن يقرضك فاشتر منه الحرير بأكثر من قيمته بل المقصود اذهب فاشتر بثمن أكثر من قيمته لتبيعه بأقل من ذلك الثمن لغير البائع ثم يشتريه البائع من ذلك الغير بالأقل الذي اشتراه به ويدفع ذلك الأقل إلى بائعه فيدفعه بائعه إلى
(٣٩٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 389 390 391 392 393 394 395 396 397 398 399 ... » »»
الفهرست