البحر الرائق - ابن نجيم المصري - ج ٦ - الصفحة ٣٨٦
وإنما ينفسخ به البيع، والمرهون غير مضمون على المرتهن بنفسه وإنما يسقط دينه إذا هلك فلا يمكن إيجاب الضمان على الكفيل، وهو ليس بواجب على الأصيل. أطلقه فشمل ما إذا ضمن الرهن عن المرتهن للراهن أو عكسه، كذا في جامع الفصولين. وأما الأمانة كالوديعة ومال المضاربة والشركة والعارية والمستأجر في يد المستأجر فلا يمكن جعلها مضمونة على الكفيل وهي غير مضمونة على الأصيل وقالوا: رد الوديعة ليس بواجب على المودع بل الواجب عدم المنع عند طلب المودع فلا يجب على الكفيل تسليمها. قيد بالكفالة بالعين لأن الكفالة بتسليمها أمانة أو مضمونة صحيحة، وفائدته حينئذ إلزام إحضار العين وتسليمها، ولو عجز بأن مات العبد المبيع أو المستأجر أو الرهن انفسخت الكفالة وزان الكفالة بالنفس سواء. وما ذكره شمس الأئمة السرخسي أن الكفالة بتسليم العارية باطلة باطل فقد نص في الجامع الصغير أن الكفالة بتسليم العارية صحيحة، وكذا في المبسوط. ونص القدوري أنها بتسليم المبيع جائزة، ونص في التحفة على جميع ما أوردناه أن الكفالة بالتسليم صحيحة.
والوجه عندي أن لا فرق بين الثلاث الأول من الوديعة ومال المضاربة والشركة وبين العارية وما معها من الأمانات إذ لا شك في وجوب الرد عند الطلب. فإن قال الواجب التخلية بينه وبينها لا ردها إليه فنقول: فليكن مثل هذا الواجب على الكفيل وهو أن يحصلها ويخلي بينه وبينها بعد إحضاره إليها. ونحن نعني بوجوب الرد ما هو أعم من هذا ومن حمل المردود إليه. قال في الذخيرة: الكفالة بتمكين المودع من الاخذ صحيحة، كذا في فتح القدير. ورده على شمس الأئمة السرخسي مأخوذ من معراج الدراية ويساعده قول الشارح ويجوز في الكل أن يتكفل بتسليم العين مضمونة أو أمانة. وقيل: إن كان تسليمه واجبا على الأصيل كالعارية والإجارة جاز وإلا فلا، فأفاد أن التفصيل بين أمانة وأمانة ضعيف.
قوله: (وصح لو ثمنا ومغصوبا ومقبوضا علي سوم الشراء ومبيعا فاسدا) أي صح الضمان لو كان المضمون إلى آخره. أما لثمن فلكونه دينا صحيحا مضمونا على المشتري، وأماما عداه فلكونه مضمونا بنفسه على الأصيل لأنه إذا هلك وجبت قيمته وهي كهو.
(٣٨٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 381 382 383 384 385 386 387 388 389 390 391 ... » »»
الفهرست