البحر الرائق - ابن نجيم المصري - ج ٦ - الصفحة ٤٠٠
إقرارا بالملك يدل بالأولى على أن السكوت زمانا لا يمنع الدعوى وسيأتي تمامه في مسائل شتى آخر الكتاب عند قوله باع عقارا وبعض أقاربه حاضر إلى آخره.
قوله: (ومن ضمن عن آخر خراجه أو رهن به أو ضمن نوائبه أو قسمته صح) أما الخراج فلكونه دينا مطالبا به. قيد به للاحتراز عن الزكاة في الأموال الظاهرة فإنه لا يجوز الضمان بها عن صاحب المال لأنها مجرد فعل، ولهذا لا تؤخذ من تركته إلا بوصيته. وأطلقه فشمل الخراج الموظف وخراج المقاسمة، وخصصه بعضهم بالموظف وهو ما يجب في الذمة ونفي صحة الضمان بخراج المقاسمة لأنه لم يكن دينا في الذمة والرهن كالكفالة بجامع التوثق فيجوز في كل موضع تجوز الكفالة فيه، هكذا ذكر الشارح وهو منقوض بالدر ك فإن الكفالة به جائزة دون الرهن، وأما النوائب فجمع نائبة وفي الصحاح: النائبة المصيبة واحدة نوائب الدهر اه‍. وفي اصطلاحهم قيل: أراد بها ما يكون بحق كأجرة الحراس وكري النهر المشترك والمال الموظف لتجهيز الجيش وفداء الاسرى. وقيل: المراد بها ما ليس بحق كالجبايات التي في زماننا يأخذها الظلمة بغير حق. فإن كان مراده هو الأول جازت الكفالة بها اتفاقا لأنه واجب مضمون، وإن كان مراده الثاني ففيه اختلاف المشايخ فقال بعضهم: لا تجوز الكفالة منهم صدر الاسلام البزدوي لأنها ضم ذمة إلى ذمة في المطالبة أو الدين، وهنا لا مطالبة ولا دين شرعيان على الأصيل فلم يتحقق معناها. وقال بعضهم: تجوز منهم فخر الاسلام علي البزدوي أخو صدر الاسلام المتقدم لأنها في المطالبة مثل سائر الديون بل فوقها والعبرة للمطالبة لأنها شرعت لالتزامها، فالمطالبة الحسية كالمطالبة الشرعية ولذا قلنا: ومن قام بتوزيع هذه النوائب على المسلمين بالقسط أي بالعد يؤجر وإن كان الآخذ بالأخذ ظالما، وقلنا من قضى نائبه غيره بأمره رجع عليه وإن لم يشترط الرجوع وهو الصحيح كما في الخانية، كمن قضى دين غيره بأمره. وفي العناية قال شمس الأئمة: هذا إذا أمره به لا عن إكراه، أما إذا كان مكرها في الامر فلا يعتبر أمره في الرجوع اه‍. وفي فتح القدير: وينبغي أن كل من قال إنها ضم في الدين يمنع صحتها هنا، ومن قال في المطالبة يمكن أن يقول بصحتها ويمكن أن يمنعها بناء على أنها في المطالبة في الدين أو معناه أو مطلقا اه‍. وقوله بناء على أنها المطالبة في الدين ممنوع لما قدمنا أنها لا تقتصر على المطالبة في الدين إذ لو كان كذلك لم يشمل
(٤٠٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 395 396 397 398 399 400 401 402 403 404 405 ... » »»
الفهرست