البحر الرائق - ابن نجيم المصري - ج ٥ - الصفحة ٥١٥
روايتان اه‍. وأما ما يصير به قابضا حقيقة ففي التجريد تسليم المبيع أن يخلي بينه وبين المبيع على وجه يتمكن من قبضه بغير حائل. وكذا تسليم الثمن. وفي الأجناس: يعتبر في صحة التسليم ثلاثة معان: أن يقول خليت بينك وبين المبيع وأن يكون بحضرة المشتري على صفة يتأتى فيه الفعل من غير مانع، وأن يكون مفرزا غير مشغول بحق غيره فلو كان المبيع شاغلا كالحنطة في جوالق البائع لم يمنعه. وفي القنية: لو باع حنطة في سنبلها فسلمها كذلك لم يصح كقطن في فراش ويصح تسليم ثمار الأشجار وهي عليها بالتخلية وإن كانت متصلة بملك البائع. وعن الوبري: المتاع لغير البائع لا يمنع فلو أذن له بقبض المتاع والبيت صح وصار المتاع وديعة عنده، وكان أبو حنيفة يقول: القبض أن يقول خليت بينك وبين المبيع فاقبضه، ويقول المشتري وهو عند البائع قبضته، فلو أخذ برأسه وصاحبه عنده فقاده فهو قبض، دابة كانت أو بعيرا. وإن كان غلاما أو جارية فقال له المشتري تعال معي أو امش فخطى معه فهو قبض، وكذا لو أرسله في حاجته، وفي الثوب إن أخذه بيده أو خلى بينه وبينه وهو موضع على الأرض فقال خليت بينك وبينه فاقبضه فقال قبضته فهو قبض، وكذا القبض في البيع الفاسد بالتخلية. ولو اشترى حنطة في بيت ودفع البائع المفتاح إليه وقال خليت بينك وبينها فهو قبض، وإن دفعه لم يقل شيئا لا يكون قبضا. ولو باع دارا غائبة فقال سلمتها إليك فقال قبضتها لم يكن قبضا وإن كانت قريبة كان قبضا وهي أن تكون بحال يقدر على إغلاقها وإلا فهي بعيدة، وأطلق في المحيط أن بالتخلية يقع القبض وإن كان المبيع ببعد عنهما. وقال الحلواني: ذكر في النوادر إذا باع ضيعة وخلى بينها وبين المشتري إن كان بقرب منها يصير قابضا وإن كان ببعد لا يصير قابضا قال: والناس عنه غافلون فإنهم يشترون الضيعة بالسواد ويقرون بالتسليم والقبض وهو لا يصح به القبض. وفي جامع شمس الأئمة: يصح القبض وإن كان العقار غائبا عنهما عند أبي حنيفة خلافا لهما. وفي جمع النوازل: دفع المفتاح في بيع الدار تسليم إذا تهيأ له فتحه من غير تكلف، وكذا لو اشترى بقرا في السرح فقال البائع اذهب فاقبض إن كان يرى بحيث يمكنه الإشارة إليه يكون قبضا.
ولو باع خلا ونحوه في دن وخلى بينه وبين المشتري في دار المشتري وختم المشتري على الدن فهو قبض ولو اشترى ثوبا فأمره البائع بقبضه فلم يقبضه حتى أخذه إنسان، إن كان حين أمره بقبضه أمكنه من غير قيام صح التسليم، وإن كان لا يمكنه إلا بقيام لا يصح. ولو اشترى طيرا في بيت والباب مغلق فأمره البائع بالقبض فلم يقبض حتى هبت الريح ففتحت
(٥١٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 507 508 509 510 511 512 513 514 515 516 517 » »»
الفهرست