فإنه يقال هذا تمر وقطن ولا يقال هذا نوى في ثمره ولا حب في قطنه، ويقال هذه حنطة في سنبلها وهذا لوز وفستق ولا يقال هذه قشور فيها لوز ولا يذهب إليه وهم بخلاف تراب الصاغة فإنه إنما لا يجوز بيعه بجنسه لاحتمال الربا حتى لو باع بخلاف جنسه جاز، وفي مسألتنا لو باع بجنسه لا يجوز لشبهة الربا. والصاغة جمع صائغ والمراد بيع برادة الذهب كما في البناية. وما ذكرنا يخرج الجواب عن امتناع بيع اللبن في الضرع، واللحم والشحم في الشاة، والالية والأكارع والجلد فيها، والدقيق في الحنطة، والزيت في الزيتون، والعصير في العنب ونحو ذلك حيث لا يجوز لأن كل ذلك منعدم في العرف، لا يقال هذا عصير وزيت في محله فكذا الباقي. واعلم أن الوجه يقتضى ثبوت الخيار بعد الاستخراج في ذلك كله لأنه لم يره، كذا في فتح القدير. قيد بيع الحنطة لأنه لو باع تبن الحنطة في سنبلها دون الحنطة لم ينعقد لا لأنه يصير تبنا إلا بالعلاج وهو الدق فلم يكن تبنا قبله فكان بيع المعدوم فلا ينعقد بخلاف الجذع في السقف أنه ينعقد حتى لو نزعه وسلمه أجبر على الاخذ وهنا لا، كذا في البدائع. والمراد بتراب الصاغة التراب الذي فيه ذرات الذهب فلا يجوز بيعه بجنسه لاحتمال الربا، ولا ينصرف إلى خلاف الجنس تحريا للجواز كما في بيع درهم ودينارين بدينار ودرهمين لأن التراب ليس بمال متقوم، كذا في المعراج. ولو اشترى تراب الصواغين بعرض إن وجد في التراب ذهبا أو فضة جاز بيعه لأنه باع مالا متقوما، وإن لم يجد شيئا من ذلك لا يجوز لأن التراب غير مقصود وإنما المقصود ما فيه من الذهب والفضة. وقال أبو يوسف: لا ينبغي للصائغ أن يأكل ثمن التراب الذي باعه لأن فيه مال الناس إلا أن يكون الصائغ قد زاد الناس في متاعهم بقدر ما سقط منهم في التراب، وكذا الدهان إذا باع الدهن وبقي من الدهن شئ في الأوعية، كذا في الخانية. وفيها أيضا: لو باع مائة من من حليج هذا القطن لا يجوز، ولو كانت الحنطة في سنبلها فباعها جاز، ولا يجوز بيع النوى في التمر، ولو باع حب قطن بعينه جاز، كذا اختاره الفقيه أبو الليث، ولو اشترى البزر الذي في جوف البطيخ لا يجوز وإن رضي صاحبه بأن يقطع البطيخ، ولو ذبح شاة فباع كرشها قبل السلخ جاز وكان على البائع إخراجه وتسليمه إلى المشتري والمشتري خيار الرؤية. ولو ابتلعت دجاجة لؤلؤة
(٥١٠)