البحر الرائق - ابن نجيم المصري - ج ٥ - الصفحة ٤١١
الباقي إلى أصل الغلة. ولو شرط المعلوم ولم يشرط له أن يجعل لغيره ليس له أن يوصي به ولا بشئ منه لاحد، ويجوز له أن يوصي بأمر الوقف وينقطع المعلوم عنه بموته، ولو وكل هذا القيم وكيلا في الوقف أو أوصى به إلى رجل وجعل له كل المعلوم أو بعضه ثم جن جنونا مطبقا يبطل توكيله ووصايته وما جعل للوصي أو الوكيل من المال ويرجع إلى غلة الوقف إلا أن يكون الواقف عينه لجهة أخرى عند انقطاعه عن القيم فينفذ فيها حينئذ. وقدر الجنون المطبق بما يبقى حولا لسقوط الفرائض كلها عنه، ولو عاد عقله عادت الولاية إليه لأنها زالت بعارض فإذا زال عاد إلى ما كان عليه، كذا في الاسعاف قوله: (وينزع لو خائنا كالوصي وإن شرط أن لا ينزع) أي ويعزل القاضي الواقف المتولي على وقفه لو كان خائنا كما يعزل الوصي الخائن نظرا للوقف واليتيم، ولا اعتبار بشرط الواقف أن لا يعزله القاضي والسلطان لأنه شرط مخالف لحكم الشرع فبطل. واستفيد منه أن للقاضي عزل المتولي الخائن غير الواقف بالأولى. وصرح في البزازية أن عزل القاضي للخائن واجب عليه مقتضاه الاثم بتركه والاثم بتولية الخائن ولا شك فيه. وفي المصباح: وفرقوا بين الخائن والسارق والغاصب بأن الخائن هو الذي خان ما جعل عليه أمينا، والسارق من أخذ خفية من موضع كان ممنوعا من الوصول إليه، وربما قيل كل سارق خائن دون عكسه، والغاصب من أخذ جهارا معتمدا على قوته اه‍. وقدمنا أنه لا يعزله القاضي بمجرد الطعن في أمانته ولا يخرجه إلا بخيانة ظاهرة ببينة وأن له إدخال غيره معه إذا طعن في أمانته، وأنه إذا أخرجه ثم تاب وأناب أعاده، وأن امتناعه من التعمير خيانة. وكذا لو باع الوقف أو بعضه أو تصرف تصرفا غير جائز عالما به، وبيناه غاية البيان عند الكلام على نصب القاضي المتولي. وإنما الكلام الآن في شروط الواقفين فقد أفادوا هنا أنه ليس كل شرط يجب اتباعه فقالوا هنا: إن اشتراطه أن لا يعزله القاضي شرط باطل مخالف للشرع. وبهذا علم أن قولهم شرط الواقف كنص الشارع ليس على عمومه قال العلامة قاسم في فتاواه: أجمعت الأمة أن من شروط الواقفين ما هو صحيح معتبر يعمل به ومنها ما ليس كذلك، ونص أبو عبد الله الدمشقي في كتاب الوقف عن شيخه شيخ الاسلام قول الفقهاء نصوصه كنص الشارع يعني في الفهم والدلالة لا في وجوب العمل مع أن التحقيق أن لفظه ولفظ الموصي والحالف والناذر وكل عاقد يحمل على عادته في خطابه ولغته التي يتكلم بها، وافقت لغة العرب ولغة الشرع أم لا، ولا خلاف أن من وقف على صلاة أو صيام أو قراءة أو جهاد غير شرعي ونحوه لم يصح اه‍. قال
(٤١١)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 406 407 408 409 410 411 412 413 414 415 416 ... » »»
الفهرست