البحر الرائق - ابن نجيم المصري - ج ٥ - الصفحة ٣٦٩
غلة هذا الوقف فجاءت غلته فباعها وقبض ثمنها ثم مات قبل أن ينفق ذلك، هل يكون ذلك لورثته أو لأهل الوقف؟ قال: يكون لورثته لأنه قد حصل ذلك وكان له، فقد عرف أن شرط بعض الغلة لا يلزم كونه بعضا معينا كالنصف والربع، وكذلك إذا قال إن حدث على فلان الموت يعني الواقف نفسه أخرج من غلة هذا الوقف في كل سنة من عشرة أسهم مثلا سهم يجعل في الحج عنه أو في كفارة أيمانه وفي كذا وكذا وسمى أشياء أو قال اخرج من هذه الصدقة في كل سنة كذا وكذا درهما ليصرف في هذه الوجوه ويصرف الباقي في كذا وكذا على ما سبله اه‍. وفي الحاوي القدسي: المختار للفتوى قول أبي يوسف ترغيبا للناس في الوقف وتكثيرا للخير. ويتفرع على هذا الاختلاف أيضا ما لو وقف على عبيده وإمائه، فعند محمد لا يجوز، وعند أبي يوسف يجوز كشرطه لنفسه. وفرع بعضهم عليه أيضا اشتراط الغلة لمدبريه وأمهات أولاده وهو ضعيف، والأصح أنه صحيح اتفاقا. والفرق لمحمد أن حريتهم ثبتت بموته فيكون الوقف عليهم كالوقف على الأجانب ويكون ثبوته لهم حال حياته تبعا لما بعد موته، فما في الهداية والمجتبى من تصحيح أنها على الخلاف ضعيف. قيد بجعل الغلة لنفسه لأنه لو وقف على نفسه. قال أبو بكر الإسكاف: لا يجوز وعن أبي يوسف جوازه. وإذا مات صار إلى المساكين، ولو قال أرضي صدقة موقوفة على أن لي غلتها ما عشت قال هلال: لا يجوز هذا الوقف. وذكر الأنصاري جوازه. وإذا مات يكون للفقراء، كذا في الخانية. وفيها: لو وقف وقفا واستثنى لنفسه أن يأكل منه ما دام حيا ثم مات وعنده من هذا الوقف معاليق عنب أو زبيب فذلك كله مردود إلى الوقف، ولو كان عنده خبز من بر ذلك الوقف يكون ميراثا لأن ذلك ليس من الوقف حقيقة اه‍. وحاصله أن المعتمد صحة الوقف على النفس واشتراط أن تكون الغلة له، فما في الخانية من أنه لو وقف على نفسه وعلى فلان صح نصفه وهو حصة فلان وبطل حصة نفسه، ولو قال على نفسي ثم على فلان أو قال على فلان ثم على نفسي لا يصح شئ منه، ولو قال على عبدي وعلى فلان صح في النصف وبطل في النصف، ولو قال على نفسي وولدي ونسلي فالوقف كله باطل لأن حصة النسل مجهولة اه‍. مبني على القول الضعيف، والعجب منه كيف جزم به وساقه على طريقة
(٣٦٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 364 365 366 367 368 369 370 371 372 373 374 ... » »»
الفهرست