البحر الرائق - ابن نجيم المصري - ج ٥ - الصفحة ٣٦٨
المتولي؟ لم أره صريحا وينبغي الفساد، وقدمنا أنه لا يجوز بيع بعض الموقوف لمرمة الباقي بثمن ما باع. زاد في التتارخانية أن المشتري لو هدم البناء ينبغي عزل الناظر، ولا ينبغي للقاضي أن يأتمن الخائن وسبيله أن يعزله اه‍. وفي الحاوي: فإن خيف هلاك النقض باعه الحاكم وأمسك ثمنه لعمارته عند الحاجة اه‍. فعلى هذا يباع النقض في موضعين عند تعذر عوده وعند خوف هلاكه. والمراد ما انهدم من الوقف فلو انهدم الوقف كله فقد سئل عنه قارئ الهداية بقوله سئل عن وقف تهدم ولم يكن له شئ يعمر منه ولا أمكن إجارته ولا تعميره هل تباع أنقاضه من حجر وطوب وخشب؟ أجاب: إن كان الامر كذلك صح بيعه بأمر الحاكم ويشتري بثمنه وقف مكانه، فإذا لم يكن رده إلى ورثة الواقف إن وجدوا وإلا صرف إلى الفقراء اه‍. قوله: (وإن جعل الواقف غلة الوقف لنفسه أو جعل الولاية إليه صح) أي لو شرط عند الايقاف ذلك اعتبر شرطه، أما الأول فهو جائز عند أبي يوسف ولا يجوز على قياس قول محمد من اشتراط التسليم إلى المتولي عنده. وقيل: إن الاختلاف بينهما بناء على اشتراط القبض والافراز. وقيل: هي مسألة مبتدأة فالخلاف فيما إذا شرط البعض لنفسه في حياته وبعد موته للفقراء، وفيما إذا شرط الكل لنفسه في حياته وبعده للفقراء. وجه قول محمد أن الوقف شرع على وجه التمليك بالطريق الذي قدمناه فاشتراطه الكل أو البعض لنفسه يبطله لأن التمليك من نفسه لا يتحقق فصار كالصدقة المنفذة وشرط بعض بقعة المسجد لنفسه. ولأبي يوسف ما روي أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يأكل من صدقته، والمراد منها صدقته الموقوفة ولا يحل الاكل منه إلا بالشرط فدل على صحته، ولان الوقف إزالة الملك إلى الله تعالى على وجه القربة على ما بيناه، فإذا شرط البعض أو الكل لنفسه فقد جعل ما صار مملوكا لله تعالى لنفسه لا أن يجعل ملك نفسه لنفسه وهذا جائز كما إذا بنى خانا أو سقاية أو جعل أرضه مقبرة وشرط أن ينزله أو يشرب منه أو يدفن فيه، ولان مقصوده القربة وفي الصرف إلى نفسه ذلك قال عليه السلام نفقة الرجل على نفسه صدقة. وفي فتح القدير: فقد ترجح قول أبي يوسف: قال الصدر الشهيد: والفتوى على قول أبي يوسف. ونحن أيضا نفتي بقوله ترغيبا للناس في الوقف. واختاره مشايخ بلخ، وكذا ظاهر الهداية حيث أخر وجهه ولم يدفعه. ومن صور الاشتراط لنفسه ما لو قال أن يقضي دينه من غلته، وكذا إذا قال إذا حدث على الموت وعلى دين يبدأ من غلة هذا الوقف بقضاء ما علي فما فضل فعلى سبيله كل ذلك جائز. وفي وقف الخصاف: فإذا شرط أن ينفق على نفسه وولده وحشمه وعياله من
(٣٦٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 363 364 365 366 367 368 369 370 371 372 373 ... » »»
الفهرست