البحر الرائق - ابن نجيم المصري - ج ٥ - الصفحة ٣٠٥
بغيره أو استأجره استحق الاجر اه‍. أطلقه فشمل ما إذا عمل أحدهما فقط لعذر بالآخر كسفر أو مرض أو بغير عذر كما لو امتنع عنه بغير عذر به لأن العقد لا يرتفع بمجرد امتناعه، واستحقاقه الربح بحكم الشرط في العقد لا العمل، كذا في البزازية. وفي فتح القدير: ثلاثة لم يعقدوا بينهم شركة تقبل تقبلوا عملا فجاء أحدهم فعمله كله فله ثلث الأجرة ولا شئ للآخرين لأنهم لما لم يكونوا شراء كان على كل منهم ثلث العمل لأن المستحق على كل منهم ثلثه بثلث الاجر، فإذا عمل الكل كان متطوعا في الثلثين فلا يستحق الاجر اه‍. وبهذا علم أن قوله اشترك خياطان إلى آخره معناه إن عقدا عقد الشركة فلو تقبلا ولم يعقدا لم تكن شركة.
قوله: (ووجوه إن اشتركا بلا مال على أن يشتريا بوجوههما ويبيعا) بالرفع عطف على مفاوضة بيان للنوع الرابع من شركة العقد، وقدمنا أنها كالصنائع تكون مفاوضة وعنانا فقال في النهاية: المفاوضة أن يكون الرجلان من أهل الكفالة، وأن يكون ثمن المشتري بينهما نصفين، وأن يتلفظا بلفظ المفاوضة - زاد في فتح القدير - وأن يتساويا في الربح. وإذا ذكر مقتضيات المفاوضة كفى عن التلفظ بها كما سلف، وإذا أطلقت كانت عنانا لأن مطلقه ينصرف إليه لكونه معتادا وهي جائزة عندنا لما بيناه في شركة الصنائع. وسميت شركة وجوه لأنه لا يشتري بالنسيئة إلا من له وجاهة عند الناس، وقيل لأنهما يشتريان من الوجه الذي لا يعرف، وقيل لأنهما إذا جلسا ليدبر أمرهما ينظر كل واحد منهما إلى وجه صاحبه. وعلى الآخرين فالتسمية ظاهرة، وعلى الأول من أنها من الوجاهة أو الجاه فقال في فتح القدير:
لأن الجاه مقلوب الوجه لما عرف غير أن الواو انقلبت حين وضعت مع العين للموجب لذلك ولذا كان وزنه عفل اه‍. وفي الخانية: وهما فيما يجب لهما وعليهما بمنزلة العنان، ولو اشتركا بوجوههما شركة مفاوضة كان جائزا ويثبت التساوي بينهما فيما يجب لكل واحد منهما وعليه ما يجب في شركة المفاوضة بالمال اه‍. وفي البزازية: وإذا وقتا شركة الوجوه تصح، وهل تتوقت؟ فيه روايتان: فعلى الرواية التي لا تتوقت كان شرطا مفسدا ومع هذا تفسد واعتبر بالوكالة اه‍. وحذف مفعول يشتريا ليفيد أنها تكون عامة وخاصة كالبر.
قوله: (وتتضمن الوكالة) يعني أن كل واحد منهما وكيل الآخر فيما اشتراه لأن التصرف على الغير لا يجوز إلا بوكالة أو ولاية ولا ولاية فتعين الأولى، ولم يذكر تضمنها للكفالة لأنها لا تكون كذلك إلا إذا كانت مفاوضة كما قدمناه. قوله: (وإن شرطا مناصفة المشتري أو مثالثته فالربح كذلك وبطل شرط الفضل) بيان لما فارقت فيه الوجوه العنان وهي أن الربح فيها على قدر الملك في المشتري - بفتح الراء - بخلاف العنان فإن التفاضل في الربح فيها مع التساوي
(٣٠٥)
مفاتيح البحث: المرض (1)، الجواز (1)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 300 301 302 303 304 305 306 307 308 309 310 ... » »»
الفهرست