البحر الرائق - ابن نجيم المصري - ج ٥ - الصفحة ٣٠٤
المفاوضة، كذا في النهاية. وبه علم فائدة كونها مفاوضة لو صرح بها ليلزم كل واحد ما أقر به صاحبه مطلقا، وتقييده بالاستهلاك وبمضي المدة للاحتراز عما إذا كان المبيع لم يستهلك ومدة الإجارة لم تمض فإنه يلزمهما كما في المحيط. وفي الخانية: ولا يشترط لهذه الشركة بيان المدة وحكمها أن يصير كل واحد منهما وكيلا عن صاحبه بتقبل الأعمال والتوكيل بتقبل الأعمال جائز، سواء كان الوكيل يحسن مباشرة ذلك العمل أو لا يحسن. وهذا النوع من الشركة قد يكون عنانا وقد يكون مفاوضة عند استجماع شرائط المفاوضة فيكون كل واحد منهما مطالبا بحكم الكفالة بما وجب على صاحبه، ومتى كان عنانا فإنما يطالب به من باشر السبب دون صاحبه بقضية الوكالة، فإن أطلقت هذه الشركة كانت عنانا، وإن شرطا المفاوضة كانت مفاوضة، فإذا عمل أحدهما دون صاحبه والشركة عنان أو مفاوضة كان الاجر بينهما على ما شرطا، ولو شرطا لأحدهما فضلا فيما يحصل من الأجرة جاز إذا كانا شرطا التفاضل في ضمان ما يتقبلانه. وعن أبي حنيفة: ما جنت يد أحدهما كان الضمان عليهما يأخذ أيهما شاء. وعن أبي يوسف: إذا مرض أحد الشريكين أو سافر أو بطل فعمل الآخر كان الاجر بينهما ولكل واحد منهما أن يأخذ الأجر وإلى أيهما دفع الاجر برئ وإن لم يتقاصا وهذا استحسان لأن تقبل أحدهما العمل جعل كتقبل الآخر فصار في معنى المفاوضة في باب ضمان العمل. ولو ادعى رجل على أحدهما أنه دفع إليه ثوبا للخياطة وأقر به الآخر صح إقراره بدفع الثوب ويأخذ الأجر لأنهما كالمتفاوضين، فإقرار أحدهما يصح في حق الآخر.
وعن محمد أنه لا يصدق المقر في حق الشريك. وأخذ هو بالقياس، ولو أقر أحدهما بدين من ثمن صابون ونحوه لا يلزم الآخر اه‍. وفيها قبله: فإذا كان الشرط على الخياط أنه يخيط بنفسه لا يطالب الآخر بحكم الكفالة اه‍. وبه علم أن قولهم ما لزم أحدهما من العمل يلزم الآخر مقيد بما إذا لم يشترط المستأجر عمله بنفسه. فإن قلت: ما صورة استجماع شرائط المفاوضة فيها؟ قلت قال في المحيط بأن اشترط الصانعان على أن يتقبلا جميعا الأعمال، وأن يضمنا العمل جميعا على التساوي، وأن يتساويا في الربح والوضيعة، وأن يكون كل منهما كفيلا عن صاحبه فيما لحقه بسبب الشركة اه‍. قوله: (وكسب أحدهما بينهما) يعني إذا عمل أحدهما دون الآخر قسم الاجر بينهما على ما شرطا، أما العامل فظاهر، وأما غيره فلانه لزمه العمل بالتقبل فيكون ضامنا له فيستحقه بالضمان وهو لزوم العمل. وعلله في البزازية بأن العامل معين القابل لأن الشرط مطلق العمل لا عمل القابل ألا ترى أن القصار إذا استعان
(٣٠٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 299 300 301 302 303 304 305 306 307 308 309 ... » »»
الفهرست