البحر الرائق - ابن نجيم المصري - ج ٥ - الصفحة ٢٩٨
خاصة. أطلق الجواب في الكتاب وهو على التفصيل إن أخذ مالا مضاربة ليتصرف فيما ليس من تجارتهما فالربح له خاصة لأنه لم يدخل تحت عقد الشركة، وكذلك إن أخذ المال مضاربة بحضرة صاحبه ليتصرف فيما هو من تجارتهما، وأما إذا أخذ المال مضاربة ليتصرف فيما كان من تجارتهما أو مطلقا حال غيبة شريكه يكون الربح بينهما مشتركا نصفه لشريكه ونصفه بين المضارب ورب المال، كذا في المحيط. فقوله في الكتاب يضارب معناه يدفع المال مضاربة، وأما أخذه المال مضاربة ففيه التفصيل كما علمت. ومنها تأجيل أحدهما الدين.
قال في المحيط: وإن كان لهما دين على آخر لأجله أحدهما فهو على ثلاثة أوجه: إن أجله العاقد جاز في النصيبين ولا يضمن نصيب شريكه عندهما، وعند أبي يوسف يجوز في نصيبه ولا يجوز في نصيب شريكه. وأصله الوكيل بالبيع إذا أبرأ عن الثمن أو حط أو أجله عندهما خلافا لأبي يوسف إلا أن هناك يضمن من ماله لموكله عندهما وهنا لا يضمن لأن العاقد هنا لو أقال العقد ثم باعه بنفسه جاز، فلما ملك إنشاء البيع بثمن إلى أجل فلان يملك التأجيل فيه أولى. ولو أجل غير العاقد أو عقدا جميعا فأجله أحدهما لم يجز عند أبي حنيفة، وعندهما يجوز في نصيبه. ومنها أنه لا يملك الاقراض ولو مفاوضا في ظاهر الرواية لأنه إعارة حكما وعرفا فهي تبرع فلا يملكه أحدهما، كذا في المحيط. وقدمنا أن العارية ممنوعة قياسا جائزة استحسانا وهو يقتضي جواز الاقراض لأنه إما عارية وإما معاوضة وكل منهما يملكه أحدهما فلذا روى الحسن أنه يملك الاقراض. ومنها أنه يملك السفر بالمال هو المستبضع والمضارب والمودع عندهما خلافا لأبي يوسف، سواء كان له حمل ومؤنة أو لا، لأن ما يلحقه من المؤنة فهو ملحق برأس المال ولا يعده التجار من باب الغرامة. ثم اعلم أنه يجوز للمفاوض ما لا يجوز لشريك العنان فيجوز له كتابة العبد والاذن بالتجارة وتزويج الأمة دون شريك العنان، ولا يجوز للكل تزويج العبد ولا الاعتاق على المال، وقبول هدية المفاوض وأكل طعامه والاستعارة منه بغير إذن شريكه جائز ولا ضمان على الآكل والمتصدق عليه استحسانا. ولو كسى ثوبا أو وهبه لم يجز في حصة شريكه وإنما يجوز في الفاكهة والخبز واللحم وأشباهه. ولو وكل المفاوض رجلا بشراء شئ فنهاه الآخر صح نهيه وإن لم ينهه حتى اشترى يرجع بالثمن على أيهما شاء، ولغير المشتري أن يرد المبيع بالعيب. ولو شارك أحدهما آخر عنانا جاز عليهما لأن شركة العنان أخص وأدون من المفاوضة، وإن شارك مفاوضة جاز بإذن شريكه وبدون إذنه تنعقد عنانا، كذا في المحيط. وبه تبين أن قولهم كما كتبناه أولا أن الشريك ليس له أن يشارك ليس على إطلاقه. وفي البزازية: لكل من الشريكين
(٢٩٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 293 294 295 296 297 298 299 300 301 302 303 ... » »»
الفهرست