قوله: (ولكل من شريكي العنان والمفاوضة أن يبضع ويستأجر ويودع ويضارب ويوكل) بيان لما لكل منهما أن يفعله، أما البضاعة فلأنها معتادة في عقد الشركة. وفي القاموس الباضع الشريك والجمع بضع من بضع كمنع بضوعا اه. والمراد هنا دفع المال لآخر ليعمل فيه على أن يكون الربح لرب المال ولا شئ للعامل، وأما الاستئجار فلكونه معتادا بين التجار. وأطلقه فشمل ما إذا استأجر رجلا ليتجر له أو يحفظ المال، وأما الايداع فجوازه بالأولى لأنه استحفاظ بغير أجر، وأما المضاربة فلكونها دون الشركة فتتضمنها. وعن أبي حنيفة ليس له ذلك لأنه نوع شركة والأول أصح وهو رواية الأصل لأن الشركة غير مقصودة وإنما المقصود تحصيل الربح كما إذا استأجره بأجر بل أولى لأنه تحصيل بدون ضمان في ذمته بخلاف الشركة حيث لا يملكها لأن الشئ لا يستتبع مثله، كذا في الهداية. وبهذا علم أنه ليس للشريك أن يشارك بخلاف المضاربة ولذا قال ويضارب ولم يقل ويشارك.
قال في الجوهرة: إلا بإذن شريكه. وأما التوكيل فلانه من توابع التجارة والشركة انعقدت للتجارة بخلاف الوكيل بالشراء حيث لا يملك أن يوكل غيره لأنه عقد خاص طلب منه تحصيل المعين فلا يستتبع مثله. ولم يذكر المصنف بقية أحكام الشريك وهي مهمة فمنها العارية. قال الحاكم في الكافي: وليس له أن يعير في القياس فإن فعل، فإن أعار دابة فعطبت تحت المستعير فالقياس فيه أن المعير ضامن لنصف قيمة الدابة لشريكه ولكني أستحسن أن لا أضمنه، وهذا قياس قول أبي حنيفة وأبي يوسف ومحمد، وكذلك لو أعار ثوبا أو دارا أو خادما اه. ومنها الرهن فإن كان شريك عنان فليس له ذلك. قال الكرخي في مختصره قال محمد في كتاب الرهن: إذا رهن أحد شريكي العنان متاعا من الشركة بدين عليهما لم يجز وكان ضامنا للرهن، ولو ارتهن بدين لهما أداناه وقبض لم يجز على شريكه من قبل أنه لم يسلطه أن يرتهن، فإن هلك الرهن وقيمته والدين سواء ذهب بحصته ويرجع شريكه بحصته على المطلوب ويرجع المطلوب بنصف قيمة الرهن على المرتهن. وإن شاء شريك المرتهن ضمن شريكه حصته من الدين لأن هلاك الرهن في يده بمنزلة الاستيفاء ثم قال بعده: ويجوز لاحد المتفاوضين أن يرهن ويرتهن على شريكه، كذا في غاية البيان. وفي المحيط: لا يرهن أحدهما شيئا من الشركة بدين عليه إلا بإذن شريكه، وكذا لا يرتهن رهنا بدين من الشركة في نصيب شريكه إلا إذا ولي عقده أو يأمر من يوليه اه. وفي الخانية: ولمن ولي المبايعة أن يرهن بالثمن. ومنها ليس له أن يكاتب لأنه ليس من عادة التجار، كذا في الجوهرة. وكذا ليس له تزويج الأمة وقضاء الدين كما في المحيط. ومنها ما إذا أخذ أحدهما مالا مضاربة فالربح له