البحر الرائق - ابن نجيم المصري - ج ٥ - الصفحة ٢٥
كالعوض عنه، والمختار قول علي رضي الله عنه لأن الوطئ كالجناية عليها وأرش الجنايات للمجني عليه، ولو كان عوضا عن الحد لوجب على المرأة لأن الحد ساقط عنها. ولم يذكر المصنف ثبوت النسب فيها، وقالوا يثبت نسب الولد بالدعوة لكن اختلفوا ففي التبيين أنه يثبت النسب وإن كانت شبهة الاشتباه لعدم الملك وشبهته، وفي فتح القدير والأوجه أنها شبهة دليل فإن قول النساء هي زوجتك دليل شرعي مبيح للوطئ فإن قول الواحد مقبول في المعاملات ولذا حل وطئ الأمة إذا جاءت إلى رجل وقالت مولاي أرسلني إليك هدية، فإذا كان دليلا غير صحيح في الواقع أوجب الشبهة التي يثبت معها النسب اه‍.
قوله: (وبمحرم نكحها) أي لا يجب الحد بوطئ امرأة محرم له عقد عليها عند أبي حنيفة. وقالا: عليه الحد إذا كان عالما بذلك لأنه عقد لم يصادف محله فيلغو كما إذا أضيف إلى الذكور. وهذا لأن محل التصرف ما يكون محلا لحكمه وحكمه في الحل وهي من المحرمات. ولأبي حنيفة أن العقد صادف محله لأن محل التصرف ما يقبل مقصوده والأنثى من بنات آدم قابلة للتوالد وهو المقصود وكان ينبغي أن ينعقد في حق جميع الأحكام إلا أنه تقاعد عن إفادة حقيقة الحل فيورث الشبهة لأن الشبهة ما بشبه الثابت لا نفس الثابت. وحاصل الخلاف أن هذا العقد هل يوجب شبهة أم لا، ومداره أنه هل ورده على ما هو محله أو لا؟
فعند الإمام ورد على ما هو محله لأن المحلية ليست بقبول الحل بل بقبول المقاصد من العقد وهو ثابت ولذا صح من غيره عليها. وعندهما لا لأن محل العقد ما يقبل حكمه وحكمه الحل وهذه من المحرمات في سائر الأحوال فكان الثابت صورة العقد لانعقاده، وبتأمل يسير يظهر أنهم لم يتواردوا على محل واحد في المحلية فحيث نفوا محليتها أرادوا بالنسبة إلى خصوص هذا العاقد أي ليست محلا لعقد هذا العاقد، ولهذا عللوه بعدم حلها، ولا شك في حلها لغيره بعقد النكاح لا محليتها للعقد من حيث هو والإمام حيث أثبت محليتها أراد محليتها النفس العقد لا بالنظر إلى خصوص عاقد ولذا علل بقبولها مقاصده، ولا ينافيه قول الأصوليين أن النهي
(٢٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 20 21 22 23 24 25 26 27 28 29 30 ... » »»
الفهرست