البحر الرائق - ابن نجيم المصري - ج ٤ - الصفحة ٢٩٧
بحسب عرف تلك البلدة ويقوم الأصناف بالدراهم ثم يقدر بالدراهم كما في المحيط، أما باعتبار حاله أو باعتبار حالهما، واختار المصنف الثاني وهو قول الخصاف، وفي الهداية وعليه الفتوى، وفي الولوالجية وهو الصحيح وعليه الفتوى، وظاهر الرواية اعتبار حاله فقط وهو قول الكرخي وبه قال جمع كثير من المشايخ ونص عليه محمد. وقال في التحفة والبدائع: إنه الصحيح نظرا إلى قوله تعالى * (لينفق ذو سعة من سعته ومن قدر عليه رزقه فلينفق مما آتاه الله لا يكلف الله نفسا إلا ما أتاها) * [الطلاق: 7] واستدل في الهداية لاعتبار حالهما بحديث هند فإنه اعتبر حالهما، وأما النص فنقول بموجبه إنه مخاطب بقدر وسعه والباقي دين في ذمته. وحاصله أنه عمل بالآية والحديث. واتفقوا على وجوب نفقة الموسرين إذا كانا موسرين، وعلى نفقة المعسرين إذا كانا معسرين. وإنما الاختلاف فيما إذا كان أحدهما موسرا والآخر معسرا فعلى ظاهر الرواية الاعتبار لحال الرجل، فإن كان موسرا وهي معسرة تجب عليه نفقة الموسرين ولا يجب عليه أن يطعمها مما يأكل لكن قال مشايخنا: يستحب له أن يؤاكلها لأنه مأمور بحسن العشرة معها وذا في أن يؤاكلها لتكون نفقتها ونفقته سواء، وإن كان معسرا وهي موسرة وجب عليه نفقة المعسرين لأنها لما تزوجت معسرا فقد رضيت بنفقة المعسرين، وأما على المفتي به فتجب نفقة الوسط في المسألتين وهي فوق نفقة المعسرة ودون نفقة الموسرة، فإذا كان الزوج مفرطا في اليسار يأكل الحلواء واللحم المشوي والباجات والمرأة فقيرة تأكل في بيتها خبز الشعير لا يجب عليها أن يطعمها ما يأكل في بيته بنفسه ولا ما كانت تأكل في بيت أهلها ولكن يطعمها الوسط وهو خبز البر وباجة أو باجتين، كذا في الذخيرة.
وفي غاية البيان إنه إذا كان معسرا وهي موسرة وأوجبنا الوسط فقد كلفناه بما ليس في وسعه فلا يجوز وهو غفلة عما في الهداية كما قدمناه من أنه مخاطب بقدر وسعه والباقي دين إلى الميسرة فليس تكليفا بما ليس في وسعه. وفي المجتبى: إن شاء فرض لها أصنافا وإن شاء قومها وفرض لها بالقيمة. ولم يذكر المصنف في أي وقت يدفع لها النفقة لأنه يختلف باختلاف الناس قالوا: يعتبر في الفرض الأصلح والأيسر، ففي المحترف يوما بيوم أي عليه
(٢٩٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 292 293 294 295 296 297 298 299 300 301 302 ... » »»
الفهرست