البحر الرائق - ابن نجيم المصري - ج ٤ - الصفحة ٢٨
الافعال، ولو نوى بعض النساء صحت نيته ديانة لا قضاء لأن نية تخصيص العام خلاف الظاهر. وقال الخصاف: تصح نيته في القضاء أيضا وهذا مخلص لمن يحلفه ظالم فأخذ بقوله لا بأس به لأن الحالة دلالة ظاهرة، كذا في المحيط والفتوى على ظاهر المذهب وإن أخذ بقول الخصاف إذا كان الحالف مظلوما فلا بأس به كذا في الولوالجية. ومنها: لو كان له أربع نسوة فقال كل امرأة تدخل الدار فهي طالق فدخلت واحدة طلقت ولو دخلن طلقن، فإن دخلت تلك المرأة مرة أخرى لا تطلق. ولو قال كلما دخلت فدخلت امرأة طلقت ولو دخلت ثانيا تطلق وكذا ثالثا، فإن تزوجت بعد الثلاث وعادت إلى الأول ثم دخلت لم تطلق خلافا لزفر.
ومنها لو قال كلما تزوجت امرأة ودخلت الدار فهي طالق فتزوج امرأة مرتين ثم دخلت الدار لم تطلق إلا مرة واحدة لأن قوله ودخلت عطف على التزوج وحكم المعطوف حكم المعطوف عليه وكلمة كلما توجب التكرار فصار الدخول مكررا أيضا بخلاف ما لو قال كلما تزوجت امرأة فهي طالق إن دخلت الدار فتزوجها مرارا ودخلت مرة طلقت ثلاثا لأنه لم يعطفه على الشرط المتكرر وإنما جعله شرطا ب‍ " إن وهي لا تفيد التكرار فصار الدخول شرط الحنث في الايمان كلها، كذا في المحيط. ومنها لو قال كلما تزوجت امرأة فهي طالق. وعبد من عبيدي حر فتزوج امرأة طلقت وعتق عبد من عبيده، ولو تزوج أخرى طلقت ولا يعتق عبد من عبيده. كذا ذكره الأسبيجابي. وأصله أن الكلام إذا كان تاما مستقلا بنفسه يؤخذ حكمه من نفسه لا من غيره، وإن كان ناقصا غير مستقل بنفسه ولا مفهوم المعنى بذاته يؤخذ حكمه من غيره لئلا يلغو بنفسه والكناية لا تستقل بنفسها فأخذ حكمها من المكنى عنه والصريح معتبر بنفسه، فلو قال كل امرأة لي تدخل الدار فهي طالق وعبد من عبيدي حر فدخلن طلقن ولم يعتق إلا عبد واحد لأن العبد صريح مستقل بنفسه فلم ينعطف على الأول وأنه نكرة في الاثبات فيخص. ولو قال كلما والمسألة بحالها عتق أربعة عبيد لأن كلما أوجبت تعميم الفعل فصار كل دخول شرطا على حدة وعتق العبد معلق بالدخول، ومن ضرورة تكرار الشرط تكرر الجزاء حتى يفيد، ومن ضرورة تكرار الجزاء تعميم الاسم. ولو قال كل جارية لي تدخل فهي حرة وولدها وعبد من عبيدي حر فدخلن جميعا عتقن وعتق الأولاد كلهم ولم يعتق إلا عبد واحد.
ولو قال كل دار دخلتها فعلي حجة فدخل دورا لم يلزمه إلا حجة لأنه صرح بالحجة وهي نكرة في الاثبات فتخص ولم يقترن بها ما يوجب تعميمها ولم يعلقها بشرط مكرر فإن الدخول غير مكرر لأن كلمة كل تجمع الأسماء دون الافعال. ولو قال فعلي بها حجة لزمه بكل دار حجة، وتمامه في المحيط إلا أنه يشكل بفرع الأسبيجابي ولعل الصواب في عبارة الأسبيجابي كل امرأة أتزوجها دون كلما كما لا يخفى.
(٢٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 23 24 25 26 27 28 29 30 31 32 33 ... » »»
الفهرست