البحر الرائق - ابن نجيم المصري - ج ٤ - الصفحة ٢٦
حملها على الواحد فصار كأنه قال أيكم حملها مع أصحابه، ونظيره لو قال أيكم شرب ماء هذا الوادي فشربوا جميعا عتقوا لأن المراد منه شرب البعض عرفا لأن شرب الكل متعذر فصار كأنه قال أيكم شرب بعض هذا الماء فهو حر. ولو قال أيكم شرب ماء هذا الكوز وكان ماؤه يمكن شربه للواحد بدفعة أو دفعتين فشربوا جميعا لم يعتق واحد منهم، وإن حملها بعضهم يعتق لأن كلمة أي تتناول واحدا منكرا من الجملة لكنها صارت عامة بعموم الوصف وهو الحمل فتتناول كل واحد على الانفراد على سبيل البدل لا على العموم والشمول بخلاف قوله إن حملتم هذه الخشبة فأنتم أحرار فحملها بعضهم لم يعتق لأن اللفظ عام بصيغته فيتناول الكل لعمومه فما لم يوجد الحمل منهم لا يتحقق شرط الحنث ا ه‍. وبه علم أن قولهم إنها تعم بعموم الوصف ليس على إطلاقه.
قوله: (إلا في كلما لاقتضائها عموم الافعال كاقتضاء كل عموم الأسماء) لأن كلمة كل موضوعة لاستغراق ما دخلت عليه كان ليس معه غيره غير أن كلما تدخل على الافعال وكل تدخل على الأسماء فيفيد كل منهما عموم ما دخلت عليه، فإذا وجد فعل واحد أو اسم واحد فقد وجد المحلوف عليه فانحلت اليمين في حقه وفي حق غيره من الافعال، والأسماء باقية على حالها فيحنث كلما وجد المحلوف عليه غير أن المحلوف عليه طلقات هذا الملك وهي متناهية. فالحاصل أن كلما لعموم الافعال وعموم الأسماء ضروري فيحنث بكل فعل حتى ينتهي طلقات هذا الملك، وكل لعموم الأسماء وعموم الافعال ضروري، ولو قال المصنف إلا في كل وكلما لكان أولى لأن اليمين في كل وإن انتهت في حق اسم بقيت في حق غيره من الأسماء كما سيأتي. وفي الولوالجية: الطلاق والعتاق متى علق بشرط متكرر يتكرر، واليمين متى علق بشرط متكرر لا يتكرر حتى لو قال كلما دخلت الدار فوالله لا أكلم فلانا فدخلت الدار مرارا فكلمه بعد ذلك لا يحنث إلا في يمين واحدة. ولو قال كلما دخلت الدار فأنت طالق إن كلمت فلانا فدخل الدار مرارا ثم كلمه مرة يحنث في الايمان كلها. والفرق أن انعقاد اليمين بالله ليس إلا ذكر اسم الله تعالى مقرونا
(٢٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 21 22 23 24 25 26 27 28 29 30 31 ... » »»
الفهرست