البحر الرائق - ابن نجيم المصري - ج ٤ - الصفحة ٢٧١
أشهر ثم أقرت بعد ذلك بزمان طويل، ولا يلزم من إقرارها بانقضاء العدة أن تنقضي في ذلك الوقت فلم يظهر كذبها بيقين إلا إذا قالت انقضت عدتي الساعة ثم جاءت بولد لأقل من ستة أشهر من ذلك الوقت اه‍. وهذا الاشكال ظاهر ويجب أن يكون كلامهم محمولا على ما إذا أقرت بالانقضاء الساعة كما يفهم من غاية البيان. أطلق المعتدة فشمل المعتدة عن طلاق بنوعيه وعن وفاة كما في الهداية لكن في الخانية والآيسة تعتد بالأشهر، فإذا ولدت ثبت نسب ولدها في الطلاق إلى سنتين أقرت بانقضاء العدة أو لم تقر اه‍. وقدمناه عن البدائع فارجع إليه قوله: (والمعتدة أن جحدت ولادتها بشهادة رجلين أو رجل وامرأتين أو حبل ظاهر أو اقرار به أو تصديق الورثة) أي ويثبت نسب ولد المعتدة إن جحدت ولادتها بأحد أمور أربعة فلا يثبت بشهادة امرأة واحدة عند أبي حنيفة خلافا لهما لأن الفراش قائم بقيام العدة وهو ملزم للنسب والحاجة إلى تعيين الولد فيه فيتعين بشهادتها، وله أن العدة تنقضي بإقرارها بوضع الحمل والمنقضي ليس بحجة فمست الحاجة إلى إثبات النسب ابتداء فيشترط كمال الحجة. وإنما اكتفى بظهور الحبل أو الاعتراف به لأن النسب ثابت قبل الولادة والتعيين يثبت بشهادتها، وإنما اكتفى بتصديق الورثة إذا كانت معتدة عن وفاة فصدقها الورثة في الولادة ولم يشهد أحد عليها في قولهم جميعا لأن الإرث خالص حقهم فيقبل فيه تصديقهم، وأما في النسب فظاهر المختصر أنه يثبت في حق غيرهم أيضا لأن الثبوت في حق غيرهم تبع للثبوت في حقهم ولذا كان الأصح أنه لا يشترط في تصديقهم لفظ الشهادة في مجلس الحكم، ولذا عبر في المختصر بلفظ التصديق دون الشهادة لأن ما ثبت تبعا لا تراعى فيه الشرائط، وقيل يشترط ليتعدى إلى غير المصدق. وقيد بأن يكون المصدق جمعا من الورثة لأن المصدق لو كان رجلا أو امرأة لم يشارك جميع الورثة. ولو صدقها رجل وامرأتان منهم شارك المصدقين والمكذبين فكان ذلك كشهادة غيرهم إلا أنهم لم يعتبروا لفظ الشهادة والخصومة بين يدي القاضي لأنه يشبه الاقرار لأنه يشاركهم بإقرارهم، فمن حيث إنه يشبه الشهادة اعتبر العدد، ومن حيث إنه يشبه الاقرار ما اعتبرنا الخصومة وإتيان لفظ الشهادة توفيرا على الشبهين حظهما، كذا في شرح الجامع الصغير لابن بندار. وحاصله أنه يشترط أحد شرطي الشهادة في تصديقهم وهو العدد نظرا إلى أنه شهادة ولم يشترط لفظ الشهادة، وينبغي أن لا تشترط العدالة أيضا وعلى هذا لو قال المصنف وتصديق ورثة بالتنكير لكان أولى لأن الألف واللام أبطلت معنى الجمعية
(٢٧١)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 266 267 268 269 270 271 272 273 274 275 276 ... » »»
الفهرست