البحر الرائق - ابن نجيم المصري - ج ٤ - الصفحة ٢٣٩
إطلاق قوله تعالى * (وأولات الأحمال أجلهن أن يضعن حملهن) * [الطلاق: 4] ولأنها مقدرة بمدة وضع الحمل في أولات الأحمال، قصرت المدة أو طالت، لا للتعرف عن فراغ الرحم لشرعها بالأشهر مع وجود الأقراء لكن لقضاء حق النكاح، وهذا المعنى يتحقق في حق الصبي وإن لم يكن الحمل منه بخلاف الحمل الحادث لأنه وجبت العدة بالشهور فلا يتغير بحدوث الحمل الحادث بعده وفيما نحن فيه كما وجبت وجبت مقدرة بمدة الحمل فافترقا، كذا في الهداية. واختلفوا في الموجود والحادث فالصحيح في تفسيرهما ما قدمناه من أن الحادث أن تأتي به بعد موته لستة أشهر من يوم الموت وهو قول عامة المشايخ. وقال بعضهم: أن تضعه لأكثر من سنتين والأول أصح، كذا في العناية معزيا إلى النهاية. وأما تفسير قيامه عند الموت أن تلده لأقل من ستة أشهر من وقت الموت، كذا في الفوائد الظهيرية. ولم أر صريحا حكم دخول الصبي في النكاح الصحيح والفاسد في وجوب العدة وقد صرحوا بفساد خلوته وبوجوب العدة بالخلوة الفاسدة الشاملة لخلوة الصبي، وإنما الكلام فيما إذا أولج فيها في مكان ليس بخلوة هل تجب به العدة لو بلغ وطلقها. ثم رأيت في شرح النكاح الفاسد من هذا الكتاب أني نقلت وجوب العدة عليها إذا وطئها الصبي بنكاح فاسد وفي وجوب المهر عليه بالوطئ تفصيل فليرجع إليه. فعلم به أن دخوله في الصحيح موجب للعدة عليها بالأولى وخلوته كدخوله فيها، فحاصله أن الزوج الصبي كالبالغ في الصحيح والفاسد وفي الوطئ بشبهة في الوفاة والطلاق والتفريق ووضع الحمل كما لا يخفى فليحفظ. ثم رأيت في القنية ما نصه: تجب العدة بدخول زوجها الصبي المراهق وفي آحاد الجرجاني في قول أبي حنيفة وأبي يوسف أن المهر والعدة واجبان بوطئ الصبي، وفي قول محمد تجب العدة دون المهر ثم قال: ولا خلاف بينهم لأنهما أجابا في مراهق يتصور منه الاعلاق، ومحمد أجاب فيمن لا يتصور منه الاعلاق لأن ذكره في حكم أصبعه. وفي نظم الزندوستي: زنت العاقلة البالغة بصبي أو مجنون لا حد عليهما وعليها العدة ولا مهر لها اه‍.
ولهذا صور المسألة الحاكم الشهيد في الكافي فيما إذا كان رضيعا.
قال في الهداية: ولا يلزم امرأة الكبير إذا حدث لها الحمل بعد الموت لأن النسب يثبت منه فكان كالقائم عند الموت حكما اه‍. ومراده بقوله إذا حدث ظهوره بعد الموت فهو كالظاهر عنده تبعا لثبوت النسب منه ولذا قيدناه بأن تلده لأقل من سنتين، أما إذا ولدته لسنتين فأكثر من موته كانت عدتها بالشهور للتيقن بحدوثه عند الموت حقيقة وحكما لأنه غير ثابت النسب وعند التأمل لا معنى للايراد المجاب عنه بما ذكر أصلا، كذا في فتح القدير.
وفي المجتبى: حبلت المطلقة فعدتها بالوضع، وكذا لو تزوجت في عدة الوفاة وحبلت وعنه خلافه بخلاف عدة الطلاق. وفي الايضاح: حبلت في عدة الوفاة فعدتها بالشهور وإن حبلت معتدة عن ثلاث فعدتها بالوضع اه‍. وفي كافي الحاكم: إن مات المجنون عن امرأته
(٢٣٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 234 235 236 237 238 239 240 241 242 243 244 ... » »»
الفهرست