البحر الرائق - ابن نجيم المصري - ج ٤ - الصفحة ٢٣٧
وخمسة أيام فعليها أن تعتد بأربعة أشهر وعشر فيها ثلاث حيض احتياطا لأن المولى إن كان مات أولا لم تلزمها عدته لأنها منكوحة وبعد موت الزوج يلزمها أربعة أشهر وعشر لأنها حرة، وإن مات الزوج أولا لزمها شهران وخمسة أيام وقد انقضت عدتها منه لأنها مصورة أن بينهما هذه أو أكثر، فموت المولى بعده يوجب عليها ثلاث حيض فتجمع بينهما احتياطا.
الثالث أن لا يعلم كم بين موتيهما ولا الأول منهما فكالأول عنده، وكالثاني عندهما، كذا في المعراج وغيره. وقيد بأم الولد لأن المديرة والأمة إذا أعتقت أو مات سيدها لا عدة عليهما بالاجماع كما ذكره الأسبيجابي. وفي فروق الكرابيسي: المعتدة في عدة الزوج تغسل زوجها ولا تغسل مولاها في عدته إذا كانت أم ولد لأنها ليست عدة النكاح بل هي استبراء اه‍. ومما يتعلق بأم الولد حكاية لطيفة ذكرها في المعراج لما أخرج شمس الأئمة من السجن زوج السلطان أمهات الأولاد من خدامه الأحرار فسأل العلماء عن هذه فقالوا: نعم ما فعلت فقال شمس الأئمة له: أخطأت لأن تحت كل خادم حرة وهذا تزوج الأمة على الحرة فقال السلطان: اعتقهن وأجدد العقد. فسأل العلماء فقالوا: نعم ما فعلت. فقال شمس الأئمة له: أخطأت لأن العدة تجب عليهن بعد الاعتاق فكان تزويج المعتدة من الغير، فأنسى الله تعالى العلماء الجواب في هاتين المسألتين ليظهر فضل شمس الأئمة اه‍. ولكن حكاها محب الدين بن الشحنة فيما كتبه على الهداية على غير هذا لوجه وهو أنه لما خطأه في الثانية أغراه عليه القاضي فحبسه وأن هذا كان سبب حبسه. وأن القاضي حينئذ كان فخر الاسلام البزدوي، وأن طلبته وعلماء عصره لا ينقطعون عنه ولا يتركون الاشتغال عليه فمنعوا عنه كتبه فأملى المبسوط من حفظه. وقيل: كان سبب حبسه أن السلطان أراد أن يأخذ من الرعية مظلمة كبيرة ثم ترك بعضها فمدحه القاضي فأنكر عليه شمس الأئمة فقال: لا يمدح إذا ترك جميعه فكيف بترك بعضه؟ فحبسه.
وحكى شمس الأئمة في المبسوط واقعة مناسبة للموطوءة بشبهة دالة على أفضلية الإمام رضي الله تعالى عنه على علماء زمانه هي: رجل زوج ابنيه بنتين وعمل الوليمة وجمع العلماء وفيهم أبو حنيفة رضي الله عنه لكنه لم يكن حينئذ من المشهورين، ففي أثناء الليل سمعوا ولولة النساء فأخبروا أنهن غلطن فأدخلت زوجة كل أخ على أخيه فسألوا العلماء فأجابوا بأن كل واحد يجتنبها حتى تنقضي عدتها فتعود إلى زوجها فعسر ذلك الجواب فقال الإمام رضي الله عنه: يطلق كل زوجته ويعقد على موطوءته ويدخل عليها للحال لأنه صاحب العدة بعد ما سأل كل واحد من الأخوين عن مراده فقال كل مرادي موطوءتي لا المعقود عليها فرجع العلماء إلى جوابه. ثم رأيت بعد ذلك أن أعود إلى شرح المسألة الخلافية في أم الولد إذا لم تعلم كم بين موتهما توضيحا للطلاب فقال في شرح المجمع وقالا: يجمع بين العدتين احتياطا لجواز أن يكون المولى مات أولا فعتقت ثم مات الزوج فوجب عليها عدة
(٢٣٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 232 233 234 235 236 237 238 239 240 241 242 ... » »»
الفهرست