البحر الرائق - ابن نجيم المصري - ج ٣ - الصفحة ٥٤٣
منهما تخيير تام بنفسه، وقولها اخترت جوابا لهما والواقع بكل منهما طلاق بائن، وكذا إذا ذكر الثاني بحرف الواو أو الفاء. كذا في البدائع وسيأتي تمامه عند قوله اخترت الأولى إلى آخره قوله: (فإن قامت أو أخذت في عمل آخر بطل خيارها) لكونه تمليكا فيبطل بتبدل المجلس حقيقة أو حكما. أطلق القيام فشمل ما إذا أقامها الزوج قهرا فإنه يخرج الامر من يدها لأنه يمكنها ممانعته من القيام أو المبادرة حينئذ إلى اختيارها نفسها فعدم ذلك دليل على الاعراض كما إذا جامعها مكرهة في مجلسها كما في الخلاصة. وأراد بالعمل الآخر ما يدل على الاعراض لا مطلق العمل لأنه لو خيرها فلبست ثوبا أو شربت لا يبطل خيارها لأن اللبس قد يكون لتدعو الشهود، والعطش قد يكون شديدا يمنع من التأمل، وسيأتي بيانه في فصل الامر باليد فإن حكمه فيه كحكمه. ودخل في العمل الكلام الأجنبي فإنه دليل الاعراض، وقيد بالاختيار لأن الصرف والسلم لا يبطلان بالاعراض بل بالافتراق لا عن قبض، والايجاب في البيع يبطل بما يدل على الاعراض من القائل. وأفاد بعطفه الاخذ في العمل على القيام أنه يبطل بالقيام وإن لم يكن معه عمل آخر لأنه دليل الاعراض وهكذا بإطلاقه قول البعض، والأصح أنه يبطل به إلا إذا لم يشتمل على الاعراض. وفائدة الاختلاف أنها لو قامت لتدعو شهودا وتحولت من مكانها ولم يكن عندها أحد بطل خيارها عند البعض. قال في الخلاصة: والأصح أنه لا يبطل لعدم الاعراض، وأما إذا لم تتحول لا يبطل اتفاقا. وقيد بكون التخيير مطلقا لأنه لو كان موقتا كما إذا قال اختاري نفسك اليوم أو هذا الشهر أو شهرا أو سنة فلها أن تختار ما دام الوقت باقيا، سواء أعرضت عن ذلك المجلس أو لا. كذا في الجوهرة، وسيأتي تمامه في فصل الامر باليد قوله: (وذكر النفس أو الاختيارة في أحد كلاميهما شرط) فلو قال لها اختاري فقالت اخترت نفسي أو قال لها اختاري نفسك فقالت اخترت وقع، فإذا كانت النفس في كلاميهما فبالأولى، وإذا خلت عن كلاميهما لم يقع والاختيارة كالنفس. وليس مراده خصوص النفس أو الاختيارة بل كل لفظ قام مقامهما يصلح تفسيرا للمبهم لأن الاختيار مبهم وإن كان ما وقع عليه إجماع الصحابة رضي الله عنهم إ
(٥٤٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 538 539 540 541 542 543 544 545 546 547 548 ... » »»
الفهرست