البحر الرائق - ابن نجيم المصري - ج ٣ - الصفحة ٥٠١
فهي رجعية، ولو ذكر بحرف الفاء والباقي بحاله فهي بائنة. كذا في الذخيرة. وأفاد بقوله فهي واحدة إن لم ينو ثلاثا أنه لو نوى ثنتين لا يصح لكونه عددا محضا إلا إذا عنى بأنت طالق واحدة وبقوله بائن أو البتة أو نحوهما أخرى يقع تطليقتان بناء على أن التركيب خبر بعد خبر وهما بائنتان لأن بينونة الأولى ضرورة بينونة الثانية إذ معنى الرجعي كونه بحيث يملك رجعتها وذلك منتف باتصال البائنة الثانية فلا فائدة في وصفها بالرجعية، وكل كناية قرنت بطالق يجري فيها ذلك فيقع ثنتان بائنتان. وأشار بأفحش الطلاق إلى كل وصف على أفعل لأنه للتفاوت وهو يحصل بالبينونة وهو أفحش من الطلاق الرجعي فدخل أخبث الطلاق وأشره وأخشنه وأكبره وأغلظه وأطوله وأعرضه وأعظمه إلا قوله أكثره بالثاء المثلثة فإنه يقع به الثلاث، ولا يدين إذا قال نويت واحدة. وإنما وقع البائن بطلاق الشيطان والبدعة لأن الرجعي هو السني غالبا فلا يرد أن الرجعي قد لا يكون سنيا كالطلاق الصريح في الحيض.
فإن قلت: قد تقدم في الطلاق البدعي أنه لو قال أنت طالق للبدعة أو طلاق البدعة ولا نية له، فإن كان في طهر فيه جماع أو في حالة الحيض أو النفاس وقعت واحدة من ساعته، وإن كانت في طهر لا جماع فيه لا يقع في الحال حتى تحيض أو يجامعها في ذلك الطهر كما في البدائع وفتح القدير. قلت: لا منافاة بينهما لأن ما ذكروه هنا هو وقوع الواحدة البائنة بلا نية أعم من كونها تقع الساعة أو بعد وجود شئ. وأشار بقوله كالجبل إلى التشبيه بما يوجب زيادة في العظم وهو بزيادة وصف البينونة فيدخل فيه مثل الجبل، وأما البينونة بأشد الطلاق فلانه وصفه بالشدة لأن أفعل يراد به الوصف فلذا لم يكن للثلاث بلا نية لأن أفعل التفضيل بعض ما أضيف إليه فكان أشد معبرا به عن المصدر الذي هو الطلاق. وأما البينونة بقوله كألف فلان التشبيه يحتمل أن يكون في القوة، ويحتمل أن يكون في العدد، فإن نوى الثاني وقع الثلاث، وإن لم ينو ثبت الأقل وهو البينونة، ودخل فيه مثل ألف ومثل ثلاث وواحدة كالألف إلا أنه في هذه إذا نوى الثلاث لا تقع إلا واحدة، اتفاقا لأن الواحدة لا تحتمل الثلاث. كذا في الجوهرة. وخرج عنه كعدد الألف وكعدد الثلاث فإنه يقع الثلاث بلا نية، ودخل فيه أيضا ما لو شبه بالعدد فيما لا عدد فيه كعدد الشمس أو التراب أو قال مثله لأن التشبيه يقتضي ضربا من الزيادة وهو بالبينونة موجود.
(٥٠١)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 496 497 498 499 500 501 502 503 504 505 506 ... » »»
الفهرست