البحر الرائق - ابن نجيم المصري - ج ٣ - الصفحة ٤٢٤
في المعراج بأن ينوي الثلاث ولفظه: ولو قال أنت طالق للشهور أو الحيض ونوى ثلاثا كانت ثلاثا لأنه أضاف الطلاق إلى ماله عدد ا ه‍. وفي المحيط: لو قال لها أنت طالق للحيض وليست من ذوات الحيض لا يقع الطلاق. وفي البدائع: ولو قال لامرأته وهي من ذوات الحيض أنت طالق للحيض وقع عند كل طهر من كل حيضة تطليقة لأن الحيض الذي يضاف إليه الطلاق هي أطهار العدة ا ه‍. وهو مخالف للأول والظاهر خلافه لأن الإضافة إنما هي للحيض لا للاطهار، وذكره في المحيض عن المنتقى. وأفاد بقوله عند كل طهر أنها لو كانت طاهرة وقته ولم يكن جامعها فيه وقعت للحال واحدة، وإن كانت حائضا أو جامعها في ذلك الطهر لم تطلق حتى تحيض ثم تطهر. وفي البدائع: لو قال أنت طالق ثنتين للسنة وقعت الطلقتان عند كل طهر واحدة.
قوله: (وإن نوى أن تقع الثلاث الساعة أو عند كل شهر واحدة صحت) أي نيته. أما الأولى فلان الثلاث سني وقوعا أي وقوعه بالسنة فتصح إرادته وتكون اللام للتعليل أي لأجل السنة التي أوجبت وقوع الثلاث فإن وقوعها مذهب أهل السنة خلافا للروافض، ولان وقوع الطلاق المجتمع سنة عند بعض الفقهاء فيحمل عليه عند النية، وعند عدمها يحمل على الكامل وهو السني وقوعا وإيقاعا. فإن قيل: الوقوع بدون الايقاع محال فلما كان الوقوع سنيا كان الايقاع سنيا لامتناع أن يكون الشئ سنيا ولازمه بدعيا. قلت: الوقوع لا يوصف بالحرمة لأنه حكم شرعي لا اختيار للعبد فيه وحكم الشرع لا يوصف بالبدعة، والايقاع فعل العبد فيوصف بالحرمة والبدعة فكان الوقوع أشبه بالسنة المرضية. كذا في الفوائد الظهيرية.
وأما الثانية فلان رأس الشهر إما أن يكون زمان حيضها أو طهرها، فعلى الثاني هو سني وقوعا وإيقاعا، وعلى الأول هو سني وقوعا، فنية الثلاث عند رأس كل شهر واحدة مع العلم بأن رأس الشهر قد تكون حائضا فيه بنية الأعم من السني وقوعا وإيقاعا معا أو أحدهما. قيد بقوله ثلاثا لأنه لو قال أنت طالق للسنة ولم يذكر ثلاثا وقعت واحدة للحال إن كانت في طهر لم يجامعها فيه، وإن كان قد جامعها أو كانت حائضا لا يقع شئ حتى تطهر فيقع واحدة، فلو نوى ثلاثا مفرقا على الأطهار صح لأن المعنى في أوقات طلاق السنة، ولو نوى الثلاث جملة اختلف فيه فذهب صاحب الهداية وفخر الاسلام والصدر الشهيد وصاحب المختلفات إلى عدم صحتها وإنما يقع به واحدة فقط، وذهب القاضي أبو زيد وشمس الأئمة وشيخ الاسلام إلى أنه يصح فتقع الثلاث جملة كما تقع مفرقا على الأطهار. والأول أوجه كما في فتح القدير. ولو نوى واحدة بائنة لم تكن بائنة لأن لفظ الطلاق لا يدل على البينونة، وكذا لفظ السنة بل يمنع ثبوت البينونة لأن الإبانة ليست بمسنونة على ظاهر الرواية، ولو نوى ثنتين لم تكن ثنتين لأنه عدد محض بخلاف الثلاث لأنه فرد من حيث إنه جنس كل
(٤٢٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 419 420 421 422 423 424 425 426 427 428 429 ... » »»
الفهرست