البحر الرائق - ابن نجيم المصري - ج ٣ - الصفحة ٤١٦
بخلاف الثاني فإنه مختلف فيه فإن مالكا قال بكراهته لاندفاع الحاجة بالواحدة. قيد بالواحدة لأن الزائد عليها بكلمة واحدة بدعي ومتفرقا ليس بأحسن، وسيأتي أن الواحدة البائنة بدعي فالمراد بالواحدة هنا الرجعية. وقيد بالطهر لأنه في الحيض بدعي وقيد بعدم الوطئ لأنه في طهر وطئها فيه بدعي لوقوع الندم باحتمال حملها. واستفيد منه أنه لو طلقها في طهر جامعها فيه بعد ظهور حملها لا يكون بدعيا من هذ القسم لفقد العلة وبه صرح في البدائع، وصرح أنه لو طلقها في طهر لا وطئ فيه لكن وطئ في الحيض قبله يكون بدعيا لوجود العلة. وعلم من مقابله أنه لا بد أن يكون الحيض الذي قبل هذا الطهر لا طلاق فيه ولا في بعضه جماع ولا طلاق، فلو قال كما في البدائع الأحسن تطليقها إذا كانت من ذوات الأقراء واحدة رجعية في طهر لا جماع فيه ولا طلاق فيه ولا في حيضه جماع ولا طلاق وتركها حتى تنقضي عدتها لكان أحسن. فإن قلت: عبارة المصنف في طهر لا وطئ فيه ولم يقيده بوطئه وعبارة المجمع في طهر لم يجامعها فيه فأي العبارتين أولى؟ قلت: يرد على كل منهما شئ أما على الكنز فالزنا فإنه إذا طلقها في طهر وطئها فيه غيره بزنا فإنه سني مع أنه ما خلا عن الوطئ فيه، وأما على المجمع فوطئ غيره بشبهة فإن الطلاق في طهر لم يجامعها هو وإنما جامعها غيره بشبهة بدعي كما ذكره الأسبيجابي فكان ينبغي أن يستثني المصنف الزنا ويزيد في المجمع ولا غيره بشبهة، وخرج الحسن بقوله وتركها حتى تمضي عدتها ومعناه الترك من غير طلاق آخر لا الترك مطلقا لأنه إذا راجعها لا يخرج الطلاق عن كونه أحسن كما ذكره الأسبيجابي.
وفي المحيط: لو قال لها أنت طالق للسنة وهي طاهرة من غير جماع ولكن وطئها غيره فإن كان زنا وقع في هذا الطهر، وإن كان بشبهة لم يقع.
قوله: (وثلاثا في إطهار حسن وسني) أي تطليقها ثلاثا في ثلاثة أطهار حسن وسني، وقد قدمنا أن كلا من الحسن والأحسن سني فتخصيص هذا باسم إطلاق السنة لا وجه له والمناسب تمييزه بالمفضول من طلاقي السنة. كذا في فتح القدير. لكن مشايخنا إنما خصوه باسم السنة لما أنه ورد في واقعه ابن عمر رضي الله عنهما ما هكذا أمرك الله قد أخطأت السنة. السنة أن تستقبل الطهر فتطلق لكل قرء تطليقة. وخصوا الأول باسم الأحسن لما روي عن إبراهيم النخعي أن أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم كانوا يستحبون أن لا يزيدوا في
(٤١٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 411 412 413 414 415 416 417 418 419 420 421 ... » »»
الفهرست