البحر الرائق - ابن نجيم المصري - ج ٣ - الصفحة ٤١٢
الطلقة الأولى حتى لو حلف أنه لم يوقع عليها طلاقا قط لا يحنث وقد علمت ركنه. وأما سببه فالحاجة إلى الخلاص عند تباين الأخلاق وعروض البغضاء الموجبة عدم إقامة حدود الله تعالى وشرعه رحمة منه سبحانه. وأما صفته فهو أبغض المباحات إلى الله تعالى. وفي المعراج: إيقاع الطلاق مباح وإن كان مبغضا في الأصل عند عامة العلماء، ومن الناس من يقول لا يباح إيقاعة إلا لضرورة كبر سن أو ريبة لقوله عليه السلام لعن الله كل مذواق مطلاق ولنا إطلاق الآيات فإنه يقتضي الإباحة مطلقا، وطلق النبي صلى الله عليه وسلم حفصة رضي الله عنها فأمره الله تعالى أن يراجعها فإنها صوامة قوامة ولم يكن هناك ريبة ولا كبر سن، وكذا الصحابة رضي الله عنهم فإن عمر رضي الله عنه طلق أم عاصم، وابن عوف تماضر، والمغيرة بن شعبة أربع نسوة، والحسن بن علي رضي الله عنهما استكثر النكاح والطلاق بالكوفة فقال علي رضي الله عنه على المنبر: إن ابني هذا مطلاق فلا تزوجوه فقالوا: نزوجه ثم نزوجه ثم نزوجه ا ه‍. وقد روى أبو داود عن ابن عمر مرفوعا أبغض الحلال إلى الله تعالى عز وجل الطلاق (1).
قال الشمني رحمه الله: فإن قيل هذا الحديث مشكل لأن كون الطلاق مبغضا إلى الله عز وجل مناف لكونه حلالا لأن كونه مبغضا يقتضي رجحان تركه على فعله، وكونه حلالا يقتضي مساواة تركه بفعله. أجيب: ليس المراد بالحلال ههنا ما استوى فعله وتركه بل ما ليس تركه بلازم الشامل للمباح والواجب والمندوب والمكروه ا ه‍. وبما ذكرناه عن المعراج تبين أن قوله في فتح القدير والأصح حظره إلا لحاجة اختيار للقول الضعيف وليس المذهب
(٤١٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 407 408 409 410 411 412 413 414 415 416 417 ... » »»
الفهرست