البحر الرائق - ابن نجيم المصري - ج ٣ - الصفحة ٣٥٠
أعني ازدياد الملك عليها قد وجدت في المكاتبة لأن عدتها قرآن وطلاقها ثنتان، وقد اختلفت الرواية في صحيح البخاري ومسلم في زوج بريرة، فروي أنه كان حرا وروي أنه كان عبدا، ورجح أئمتنا الأولى لما في الأصول من أنها مثبتة، ورواية أنه كان عبدا نافية للعلم بأنه كان حالته الأصلية الرق والنافي هو الذي أبقاها، ونفي الامر العارض والمثبت هو المخرج عنها، وقد رجح المحقق في فتح القدير قول زفر من أن المكاتبة إذا أعتقت فإنه لا خيار لها بأن قوله عليه السلام قد ملكت بضعك ليس معناه إلا منافع بضعك إذ لا يمكن ملكها لعينه وملكها لاكسابها تبع لملكها لمنافع نفسها فلزم كونها مالكة لبضعها بالمعنى المراد قبل العتق فلم يتناولها النص اه‍. وهو مبني على أن العلة ملكها لبضعها بالعتق، وأكثرهم على أن العلة ازدياد الملك عليها وهو موجود في المكاتبة، وعلى أن العلة ملك البضع فلا شك أنها لم تكن مالكة لمنافع بضعها قبل العتق من كل وجه بدليل أنها لا تملك أن تزوج نفسها بغير إذن المولى وقد ملكت ذلك بعد العتق فصح أن يقال إنها ملكت بضعها بالعتق فدخلت تحت النص. وإنما لم يجز وطؤها للمولى وجبرها على النكاح لا لأجل أنها ملكت بضعها بل لعقد الكتابة لأنه أوجب عدم التعرض لها في إكسابها وهو منها فترجح به قول أئمتنا خصوصا قد حدث مالك في الموطأ أن بريرة كانت مكاتبة عائشة رضي الله عنها، وأنها خيرت حين أعتقت فكان نصا في المسألة، فكان زفر محجوجا به. وشمل إطلاق الأمة القنة والمدبرة وأم الولد، وشمل الكبيرة والصغيرة، فإذا أعتقت الصغيرة توقف خيارها إلى بلوغها لأن فسخ النكاح من التصرفات المترددة بين النفع والضرر فلا تملكه الصغيرة ولا يملكه وليها عليها لقيامه مقامها. كذا في جامع الفصولين فإذا بلغت كان لها خيار العتق لاخيار البلوغ على الأصح. كذا في الذخيرة وقدمناه. وشمل ما إذا كان النكاح أو لا، صدر برضاها أو جبرا. وشمل ما إذا كانت حرة
(٣٥٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 345 346 347 348 349 350 351 352 353 354 355 ... » »»
الفهرست