البحر الرائق - ابن نجيم المصري - ج ٣ - الصفحة ٢٩٣
المسمى السمن الذي هو فيه وليس فيه شئ فصار كأنه لم يسم شيئا فوجب مهر المثل. وأما مسألة الشاة التي في هذا البيت فليست من قبيل ما اجتمع فيه الإشارة والتسمية وإنما حاصلها أنه سمى شاة وصفها بوصف وهو كونها في بيت خاص فإذا لم توجد في البيت بطل الوصف وبقي الموصوف وهو مطلق الشاة فوجب شاة وسط. أو نقول: اجتمع الإشارة والتسمية والجنس مختلف لتبدل الصورة والمعنى فيتعلق العقد بالمسمى وهو مال. وفي البدائع: لو تزوجها على هذا الدن الخمر وقيمة الطرف عشرة دراهم فصاعدا ففيه روايتان عن محمد في رواية لها الدن لا غير لأن المسمى شيئان: الخمر والظرف، فيلغو تسمية الخمر وبقي الظرف كما لو تزوجها على خل وخمر فلها الخل لا غير. وفي رواية لها مهر المثل لأن الظرف لا يقصد بالعقد عادة فإذا بطلت في المقصود بطلت في التبع ا ه‍. وأشار المصنف بوجوب مهر المثل عينا إلى أن المشار إليه لو كان حرا حربيا فاسترق وملكه هذا الزوج فإنه لا يلزمه تسليمه. ونقل في الاسرار أنه متفق عليه وكذلك الخمر بعينها لو تخللت لم يجب تسليمها وإنما عليه تسليم مثلها خلا في قولهما لأن المشار إليه لم يكن مالا حين سمى ففسدت التسمية في حق ما ليس بمال فلا يستحق تسليمه بالتسمية تبعا لوصفه ا ه‍.
قوله: (وإذا أمهر عبدين وأحدهما حر فمهرها العبد) يعني عند أبي حنيفة إذا ساوى عشرة دراهم وإلا كمل لها العشرة لأنه مسمى ووجوب المسمى وإن قل يمنع وجوب مهر المثل. وقال أبو يوسف: لها العبد وقيمة الحر لو كان عبدا لأنه أطمعها سلامة العبدين وعجز عن تسليم أحدهما فتجب قيمته. وقال محمد وهو رواية عن أبي حنيفة: لها العبد الباقي وتمام مهر مثلها إن كان مهر مثلها أكثر من العبد لأنهما لو كانا حرين يجب تمام مهر المثل عنده، فإذا كان أحدهما عبدا يجب العبد وتمام مهر المثل. والاختلاف هنا فرع على قولهم السابق، والفرق لأبي حنيفة بين هذا وبين ما إذا سمى لها وشرط معه منفعة ولم يوف حيث يجب مهر المثل لأنها إنما رضيت بالمسمى على تقدير حصول المنفعة فعند عدم الوفاء بها لم تكن راضية بالمسمى أصلا، وأما هنا فقد رضيت بكل واحد من العبدين ثم لما ظهر أحدهما حرا لم يجب مهر المثل لأن وجوب المسمى في أحدهما لوجود رضاها فيه منع ذلك كذا في غاية البيان.
وقد يقال: إنها إنما رضيت بكل واحد على أنه بعض المهر لا كله، فإذا ظهر أنه كل المهر لم تكن راضية به فينبغي وجوب مهر المثل. وقد يجاب عنه كما في فتح القدير بأنها هنا مقصرة
(٢٩٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 288 289 290 291 292 293 294 295 296 297 298 ... » »»
الفهرست