ولا ينسب الواحد إلى غيرين مختلفين إلا باختلاف الصورة والمعنى ولم يوجد اختلاف الصورة ا ه. وقوله في فتح القدير إن اللائق إلى آخره ممنوع لأن أبا يوسف ما ألغى الإشارة بالكلية وإنما ألغاها من وجه دون وجه كما ذكره الزيلعي، والدليل عليه ما في الاسرار أنه في العبد المطلق إذا أتى به بها تجبر على القبول كما لو أتاها بالقيمة، وفي هذه المسألة لو أتاها بعبد وسط لا تجبر عند أبي يوسف ا ه. وفي البدائع ما يقتضي أن هذه التسمية لا تكون من قبيل المجاز فإنه قال: وحقيقة الفقه لأبي حنيفة أن هذا حر سمي عبدا وتسمية الحر عبدا باطل لأنه كذب فالتحقت التسمية بالعدم وبقيت الإشارة والمشار إليه لا يصلح مهرا ا ه. وذكر في فتح القدير أيضا من البيوع أن الجنس عند الفقهاء ليس إلا المقول على كثيرين لا يتفاوت الغرض منها فاحشا فالجنسان ما يتفاوت منها فاحشا من غير اعتبار للذات ا ه. وقال في باب الربا: إن اختلاف الجنس يعرف باختلاف الاسم والمقصود فالحنطة جنس والشعير جنس آخر. وأما اعتراضه على ما في بعض الشروح ففيه نظر أيضا في بحث الخاص فإنهم جعلوا إنسانا من قبيل خصوص الجنس لأنه مقول على كثيرين مختلفين بالأحكام كالذكر والأنثى وجعلوا رجلا من قبيل خصوص النوع وأنه المقول على كثيرين متفقين في الأحكام فأورد عليه الحر والعبد والعاقل والمجنون فإنهم داخلون تحت رجل وأحكامهم مختلفة، فأجابوا بأن اختلاف الأحكام بالعرض لا بالأصالة بخلاف الذكر والأنثى فإن اختلاف أحكامهما بالأصالة، فقوله إن الحر والعبد جنس واحد معناه أنهما داخلان تحت شئ واحد وهو رجل، وكذا الخل والخمر داخلان تحت ماء العصير فرجل بالنسبة إلى الحر والعبد جنس لهما وإن كان نوعا لانسان، والحر مثلا نوع بالنسبة إلى زيد وعمرو مثلا، وقول أبي يوسف إن الحر والعبد جنسان ليس معناه الجنس المصطلح عليه وإنما أبو يوسف نظر إلى أن لفظ حر تحته أشخاص هي زيد وعمرو وبكر وغيرها، ولفظ عبد كذلك فجعلهما جنسين بهذا الاعتبار. والحاصل أن أبا حنيفة حكم باتحاد الجنس فيهما نظرا إلى دخولهما تحت شئ وهو رجل، وأبو يوسف حكم بالاختلاف نظرا إلى أن كلا منهما مقول على أشخاص كثيرة فلم يريد والجنس المصطلح عليه لأنهم لو أرادوه لم يصح كلامهم لأن كلا من الحر والعبد ليسا جنسا وإنما هو نوع النوع وهو رجل. وأما قوله إن اللائق على قول أبي يوسف إلى آخره فهو ما نقله القدوري عن أبي يوسف كما ذكره في الذخيرة فتجده موافقا لاحدى الروايتين عنه، أما على رواية الأصل فأجاب عنه الزيلعي بقوله: وإنما لم تجب قيمة عبد وسط لاعتباره الإشارة من وجه ا ه.
(٢٩١)