البحر الرائق - ابن نجيم المصري - ج ٣ - الصفحة ٢٧٦
الأول مهر المثل وفي الثاني قيمة حجة وسط قوله: (ولها خدمته لو عبدا) يعني لو تزوج عبد حرة على خدمته لها سنة بإذن مولاه صحت التسمية ويخدمها سنة لأنه لما خدمها بإذن المولى صار كأنه يخدم مولاه حقيقة، ولان خدمة العبد لزوجته ليست بحرام إذ ليس له شرف الحرية ولهذا سلبت عنه عامة الكرامات الثابتة للأحرار، فكذا هذا. كذا في غاية البيان. وصرح الولوالجي في فتاواه بأن استخدام الزوج لا يجوز لما فيه من الاستهانة. وصرح قاضيخان في شرح الجامع الصغير بأن خدمة الزوج لها حرام لأنها توجب الإهانة ا ه‍. وفي البدائع: إن استخدام الحرة زوجها الحر حرام لكونه استهانة وإذلالا ا ه‍. وحاصله أنه يحرم عليها الاستخدام ويحرم عليه الخدمة لها، وظاهر المختصر أن المرأة حرة لأنه جعل الخدمة لها. وأما لو تزوج عبد أمة على خدمته سنة لمولاها فإنه صحيح بالأولى ويخدم المولى. وينبغي أنه لو تزوجها على أن يخدمها أن لا تصح التسمية أصلا ولم أرهما صريحا قوله: (ولو قبضت ألف المهر ووهبته له فطلقها قبل الوطئ رجع عليها بالنصف) لأنه لم يصل إليه بالهبة عين ما يستوجبه لأن الدراهم والدنانير لا يتعينان في العقود والفسوخ، ولذا لو سمى لها دراهم وأشار إليها له أن يحبسها ويدفع مثلها جنسا ونوعا وقدرا وصفة. كذا في البدائع. ولا يلزمها رد عين ما أخذت بالطلاق قبل الدخول، ولذا قال الولوالجي في فتاواه من باب الزكاة: ولو تزوج رجل امرأة على ألف درهم وقبضت وحال الحول ثم طلقها قبل الدخول بها زكت الألف كلها لأنه وجب في ذمتها مثل نفس المقبوض لا عين المقبوض، والدين بعد الحول لا يسقط الواجب، ولو كانت سائمة غير الأثمان زكت نصفها لأنه استحق نصفها من غير اختيارها فصار كالهلاك، ولا يزكي الزوج شيئا لأن ملك الزوج الآن عاد في النصف ا ه‍.
وأشار المصنف إلى أن حكم المكيل والموزون إذا لم يكن معينا حكم النقد لعدم التعيين، وأما المعين منه فكالعرض. وفي البدائع: وإن كان تبرا أو نقرة ذهبا أو فضة فهو كالعرض في رواية فيجبر على تسليم العين، وفي رواية كالمضروب فلا يجبر.
قوله: (فإن لم تقبض الألف أو قبضت النصف ووهبت الألف أو وهبت العرض المهر قبل القبض أو بعده فطلقت قبل الوطئ لم يرجع عليها بشئ) بيان لمفهوم المسألة المتقدمة وهي ثلاثة مسائل: الأولى إذا لم تقبض شيئا من المهر ثم وهبته كله له ثم طلقها قبل الدخول فإنه لا رجوع له عليها بشئ، وفي القياس يرجع عليها بنصف الصداق وهو قول زفر لأنه سلم له بالابراء فلا تبرأ عما يستحقه بالطلاق. ووجه الاستحسان أنه وصل إليه عين ما يستحقه بالطلاق قبل الدخول وهو براءة ذمته عن نصف المهر، ولا يبالي باختلاف السبب عند حصول المقصود وله نظائر، منها ما في معراج الدراية: الغاصب إذا وهب المغصوب
(٢٧٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 271 272 273 274 275 276 277 278 279 280 281 ... » »»
الفهرست