البحر الرائق - ابن نجيم المصري - ج ٣ - الصفحة ٢٧٣
وصاحب المختلف، وعلى ما في بعض نسخ القدوري لا تكون مستحبة لها حكما للطلاق، ولو كانت مستحبة كان لمعنى آخر كما في قوله في عيد الفطر ولا يكبر في طريق المصلي عند أبي حنيفة أي حكما للعيد ولكن لو كبر لأنه ذكر الله تعالى يجوز ويستحب. كذا في غاية البيان.
وحاصله أنه ليس المراد من نفي المستحب هنا أن لا ثواب في فعله بل فيه ثواب اتفاقا لأنه إحسان وبر لها، وإنما محل الاختلاف أن هذا المستحب حكم من أحكام الطلاق أولا، وقد قدمنا أن الفرقة إذا كانت من قبلها قبل الدخول فإنه لا يستحب لها المتعة أيضا لأنها جانية..
قوله: (ويجب مهر المثل في الشغار) لأنه سمى ما لا يصح صداقا فيصح العقد ويجب مهر المثل كما إذا سمى خمرا أو خنزيرا. والشغار في اللغة الخلوة يقال شغر الكلب إذا رفع إحدى رجليه ليبول، وبلدة شاغرة إذا كانت خالية من السلطان. وأما في الاصطلاح فتزويجه موليته على أن يزوجه الآخر موليته ليكون أحد العقدين عوضا عن الآخر، سواء كانت المولية بنتا أو أختا أو أمة، سمي به لخلوه عن المهر. وإنما قيدنا بأن يكون أحدهما صداقا عن الآخر لأنه لو لم يكن كذلك بأن قال زوجتك بنتي على أن تزوجني بنتك ولم يزد عليه فقبل الآخر فإنه لا يكون شغارا اصطلاحا وإن كان الحكم وجوب مهر المثل. وكذا لو قال أحدهما على أن يكون بضع بنتي صداقا لبنتك ولم يقبل الآخر بل زوجه بنته ولم يجعلها صداقا فليس بشغار وإن وجب مهر المثل حتى كان العقد صحيحا اتفاقا. وأما حديث الكتب الستة مرفوعا من النهي عن نكاح الشغار فقد قلنا به لأنه إنما نهى عنه لخلوه عن المه وقد أوجبنا فيه مهر المثل فلم يبق شغارا. قيد بالشغار لأنه لو زوج ابنته من رجل على مهر مسمى على أن يزوجه الآخر ابنته على مهر مسمى، فإن زوجه فلكل واحد منهما ما سمى لها من المهر، وإن لم يزوجه الآخر كان للمزوجة تمام مهر مثلها لأن رضاها بدون مهر المثل باعتبار منفعة مشروطة لأبيها. كذا في المبسوط قوله: (وخدمة زوج حر للأمهات) أي يجب مهر المثل إذا تزوج حر امرأة وجعل خدمته لها سنة مثلا صداقها. وقال محمد: لها قيمة خدمته سنة لأن المسمى مال إلا أنه عجز عن التسليم لمكان المناقضة فصار كالمتزوج على عبد الغير. ولهما أن الخدمة
(٢٧٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 268 269 270 271 272 273 274 275 276 277 278 ... » »»
الفهرست