البحر الرائق - ابن نجيم المصري - ج ٢ - الصفحة ٦٣
مسجدين بضرب حائط ونحوه كالأهل المحلة. ولا بد أن نذكر أحكام تحية المسجد فنقول:
هي على حذف مضاف أي تحية رب المسجد لأن المقصود منها التقرب إلى الله تعالى لا إلى المسجد لأن الانسان إذا دخل بيت الملك فإنما يحيي الملك لا بيته. كذا ذكره العلامة الحلبي.
وقد حكى الاجماع على سنيتها غير أن أصحابنا يكرهونها في الأوقات المكروهة تقديما لعموم الحاضر على عموم المبيح، وقد قدمنا أنه إذا تكرر دخوله في كل يوم فإنه يكفيه ركعتان لها في اليوم. وذكره في الغاية أنها لا تسقط بالجلوس عند أصحابنا فإنه قال في الحاكم إذا دخل المسجد للحكم فهو بالخيار عندنا إن شاء صلى تحية المسجد عند دخوله وإن شاء صلاها عند انصرافه فلم تسقط بالجلوس لأنها لتعظيم المسجد وحرمته ففي أي وقت صلاها حصل المقصود من ذلك ا ه‍. وفي الظهيرية: ثم اختلفوا في صلاة التحية أنه يجلس ثم يقوم ويصلي أو يصلي قبل أن يجلس. قال بعضهم: يجلس ثم يقوم. وعامة العلماء قالوا: يصلي كما يدخل المسجد ا ه‍. قلت: ويشهد لقول العامة وهو الصحيح كما في القنية ما في الصحيحين عن أبي قتادة الأنصاري قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا دخل أحدكم المسجد فلا يجلس حتى يصلي ركعتين (1) وإنما قلنا بعدم سقوطها بالجلوس لما أخرجه ابن حبان في صحيحه عن أبي ذر قال: دخلت المسجد فإذا رسول الله صلى الله عليه وسلم جالس وحده فقال: يا أبا ذر إن للمسجد تحية وإن تحيته ركعتان فقم فاركعهما فقمت فركعتهما ا ه‍. وقد قالوا: إن كل صلاة صلاها عند دخوله فرضا أو سنة فإنها تقوم مقام التحية بلا نية كما في البدائع وغيره، فلو نوى التحية الفرض فظاهر ما في المحيط وغيره أنه يصح عندهما، وعند محمد لا يكون داخلا في الصلاة فإنهم قالوا: لو نوى الدخول في الظهر والتطوع فإنه يجوز عن الفرض عند أبي يوسف وهو رواية عن أبي حنيفة، وعن محمد لا يكون داخلا. وصرح في الظهيرية بكراهة الحديث أي كلام الناس في المسجد لكن قيده بأن يجلس لأجله. وفي فتح القدير:
الكلام المباح فيه مكروه يأكل الحسنات، وينبغي تقييده بما في الظهيرية. أما إن جلس للعبادة ثم بعدها تكلم فلا. وأما النوم في المسجد فاختلف المشايخ فيه. وفي التجنيس: الأشبه بما تقدم من المسائل أنه يكره لأنه ما أعد لذلك وإنما بني لإقامة الصلاة، وأما الجلوس في المسجد للمصيبة فمكروه لأنه لم يبن له. وعن الفقيه أبي الليث أنه لا بأس به لأن النبي صلى الله عليه وسلم حين بلغه قتل جعفر وزيد بن حارثة جلس في المسجد والناس يأتونه ويعزونه، والمفتي به أنه
(٦٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 58 59 60 61 62 63 64 65 66 67 68 ... » »»
الفهرست