البحر الرائق - ابن نجيم المصري - ج ٢ - الصفحة ٦٧
أول الاسلام ثم وجب الوتر بعده بدليل أنه سأله عن العبادة المالية فأخبره بالزكاة فقال هل علي غيرها؟ فقال: لا. كما ذكر في الصلاة مع أن صدقة الفطر فرض عندهم بدليله فما هو جوابهم عنها فهو جوابنا عنه، ولا يلزم من القول بوجوبه الزيادة على الفرائض الخمس القطعية لأنه ليس بفرض قطعي.
وذكر في البدائع حكاية هي أن يوسف بن خالد السمي كان من أعيان فقهاء البصرة فسأل أبا حنيفة عنه فقال: إنه واجب. فقال له: كفرت يا أبا حنيفة ظنا منه أنه يقول إنه فريضة. فقال أبو حنيفة: أيهولني إكفارك إياي وأنا أعرف الفرق بين الفرض والواجب كفرق ما بين السماء والأرض، ثم بين له الفرق بينهما فاعتذر إليه وجلس عنده للتعلم اه‍. وفي المحيط: لا يجوز الوتر قاعدا مع القدرة على القيام ولا على راحلته من غير عذر لأن عنده الوتر واجب وأداء الواجبات والفرائض على الراحلة من غير عذر لا يجوز، وعندهما وإن كان سنة لكن صح عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه كان يتنفل على راحلته من غير عذر في الليل وإذا بلغ الوتر نزل فيوتر على الأرض اه‍. فأفاد أنه لا يجوز قاعدا وراكبا من غير عذر باتفاق أبي حنيفة وصاحبيه. وصرح في الهداية بأنه يجب قضاؤه إذا فاته بالاجماع وصححه في التجنيس، وعلل له في المحيط بقوله: أما عنده فلانه واجب، وأما عندهما فلقوله عليه السلام من نام عن وتر أو نسيه فليصله إذا ذكره (1) اه‍. وصرح في الكافي بأن وجوب قضائه ظاهر الرواية عنهما، وروي عنهما عدمه وسيأتي أنه لا يصلي خلف النفل اتفاقا، فظهر بهذا أنه لا فرق بين قوله بوجوبه وبين قولهما بسنيته من جهة الأحكام فإن السنة المؤكدة بمنزلة الواجب إلا في فساد الصبح بتذكره وفي قضائه بعد طلوع الفجر قبل طلوع الشمس. قال في التجنيس: عند أبي حنيفة يقضيه بعد طلوع الفجر قبل طلوع الشمس وبعد صلاة العصر لأنه واجب عنده فيجوز قضاؤه فيه كقضاء سائر الفرائض، وعندهما لا لأنه سنة عندهما ا ه‍. لكن تعقب صاحب الهداية في فتح القدير بأنه سنة عندهما فوجوب القضاء محل النزاع، وقد علمت دفعه بما في المحيط. وفي الظهيرية والولوالجية والتجنيس وغيرهما: أهل قرية اجتمعوا على ترك الوتر أدبهم الإمام وحبسهم فإن لم يمتنعوا قاتلهم، وإن امتنعوا عن أداء السنن فجواب أئمة
(٦٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 62 63 64 65 66 67 68 69 70 71 72 ... » »»
الفهرست