البحر الرائق - ابن نجيم المصري - ج ٢ - الصفحة ٥٩
الافتتاح والأصل فيه ما رواه مسلم عن عائشة رضي الله عنها قالت: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول لا صلاة بحضرة طعام ولا وهو يدافعه الأخبثان (1) وجعل الشارح مدافعة الريح كالأخبثين وأن الحديث محمول على الكراهية ونفي الفضيلة حتى لو ضاق الوقت بحيث لو اشتغل بالوضوء يفوته يصلي لأن مع الأداء الكراهية أولى من القضاء. ومنها أن كل عمل قليل لغير عذر فهو مكروه كما لو تروح على نفسه بمروحة أو كمه والله سبحانه وتعالى أعلم.
فصل لما فرغ من بيان الكراهة في الصلاة شرع في بيانها خارجها مما هو من توابعها قوله:
(كره استقبال القبلة بالفرج في الخلاء واستدبارها) والخلاء بالمد بيت التغوط وأما بالقصر فهو النبت. والكراهة تحريمية لما أخرجه الستة عنه صلى الله عليه وسلم إذا أتيتم الغائط فلا تستقبلوا القبلة ولا تستدبروها ولكن شرقوا أو غربوا (3) ولهذا كان الأصح من الروايتين كراهة الاستدبار كالاستقبال، وهو بإطلاقه يتناول الفضاء والبنيان. وفي فتح القدير: ولو نسي فجلس مستقبلا فذكر يستحب له الانحراف بقدر ما يمكنه لما أخرجه الطبري مرفوعا من جلس يبول قبالة القبلة فذكر فانحرف عنها إجلالا لها لم يقم من مجلسه حتى يغفر له وكما يكره للبالغ ذلك يكره له أن يمسك الصبي نحوها ليبول. وقالوا: يكره أن يمد رجليه في النوم وغيره إلى القبلة أو المصحف أو كتب الفقه إلا أن تكون على مكان مرتفع عن المحاذاة ا ه‍. قوله:
(وغلق باب المسجد) لأنه يشبه المنع من الصلاة قال تعالى * (ومن أظلم ممن منع مساجد الله أن يذكر فيها اسمه) * (البقرة: 114) والاغلاق يشبه المنع فيكره. قال في الهداية: وقيل لا بأس به إذا خيف على متاع المسجد ا ه‍. وهو أحسن من التقييد بزماننا كما في عبارة بعضهم فالمدار خشية الضرر على المسجد، فإن ثبت في زماننا في جميع الأوقات ثبت كذلك إلا في
(٥٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 54 55 56 57 58 59 60 61 62 63 64 ... » »»
الفهرست