البحر الرائق - ابن نجيم المصري - ج ٢ - الصفحة ٥٤٦
ما دام العجز مستمرا بهم، فإن زال فعليهم الإعادة بأنفسهم. وظاهر ما في التحفة اختياره فإنه اقتصر عليه، وكذا الأسبيجابي وقواه المحق في فتح القدير ومشي على أن الصحة من شرائط وجوب الأداء. فالحاصل أنها من شرائط الوجوب عنده، ومن شرائط وجوب الأداء عندهما، وفائدة الخلاف تظهر في وجوب الاحجاج كما ذكرنا وفي وجوب الايصاء، ومحل الخلاف فيما إذا لم يقدر على الحج وهو صحيح أما إن قدر عليه وهو صحيح ثم زالت الصحة قبل أن يخرج إلى الحج فإنه يتقرر دينا في ذمته فيجب عليه الاحجاج اتفاقا، أما إن خرج فمات في الطريق فإنه لا يجب عليه الايصاء بالحج لأنه لم يؤخر بعد الايجاب. كذا في التجنيس. ولا فرق في الأعمى بين أن يجد قائدا أو لا هو المشهور عن أبي حنيفة، لأن القادر بقدرة غيره ليس بقادر. ولو تكلف هؤلاء الحج بأنفسهم سقط عنهم حتى لو صحوا بعد ذلك لا يجب عليهم الأداء لأن سقوط الوجوب عنهم لدفع الحرج فإذا تحملوه وقع عن حجة الاسلام كالفقير إذا حج، وأما القدرة على الزاد والراحة فالفقهاء على أنه من شرط الوجوب فلا وجوب أصلا يتعلق بالفقير لاشتراط الاستطاعة في آية الحج وفسرت بهما، والذي عليه أهل الأصول ومنهم صاحب التوضيح تبعا لفخر الاسلام أن القدرة الممكنة كالزاد والراحلة للحج شرط وجوب الأداء لا شرط الوجوب لأن الوجوب جبري لا صنع للعبد فيه، وليس فيه تكليف لأنه طلب إيقاع الفعل من العبد ونفس الوجوب ليس كذلك، إلا ترى أن صوم المريض والمسافر واجب ولا تكليف عليهما، وكذا الزكاة قبل الحول، وقد ظهر للعبد الضعيف أن الفقهاء إنما لم يوافقوا الأصوليين على ذلك لما أنه لا فائدة في جعله شرط وجوب الأداء لأن فائدة الفرق بينهما هو لزوم الايصاء عند الموت وعدمه والفقير لا يتأتى فيه ذلك
(٥٤٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 541 542 543 544 545 546 547 548 549 550 551 ... » »»
الفهرست