البحر الرائق - ابن نجيم المصري - ج ٢ - الصفحة ٥٤٨
في حق كل إنسان ما يبلغه فمن قدر على رأس زاملة - وهو المسمى في عرفنا راكب مقتب - وأمكنه السفر عليه وجب وإلا بأن كان مترفها فلا بد أن يقدر على شق محمل وهو المسمى في عرفنا محارة أو موهية، وإن أمكنه أن يكتري عقبة لا يجب عليه لأنه غير قادر على الراحلة في جميع الطريق وهو الشرط، سواء كان قادرا على المشي أو لا، والعقبة أن يكتري اثنان راحلة يتعقبان عليها يركب أحدهما مرحلة والآخر مرحلة وشق المحمل جانبه لأن للمحمل جانبين ويكفي للراكب أحد جانبيه، وقد رأيت في كتب الشافعية أن من الشرائط أن يجد له من يركب في الجانب الآخر وهو المسمى بالمعادل، فإن لم يجد لا يجب الحج عليه ولم أره لائمتنا، ولعلهم إنما لم يذكروه لما أنه ليس بشرط لامكان أن يضع زاده وقربته وأمتعته في الجانب الآخر، وقد وقع لي ذلك في الحجة الثانية في الرجعة لم أجد معادلا يصلح لي ففعلت ذلك لكن حصل لي نوع مشقة حين يقل الماء والزاد والله أعلم بحقيقة الحال.
ثم القدرة على الزاد لا تثبت إلا بالملك لا بالإباحة، والقدرة على الراحلة لا تثبت إلا بالملك أو الإجارة لا بالعارية والإباحة، فلو بذل الابن لأبيه الطاعة وأباح له الزاد والراحلة لا يجب عليه الحج، وكذا لو وهب له مال ليحج به لا يجب عليه القبول لأن شرائط أصل الوجوب لا يجب عليه تحصيلها عند عدمها. ثم اشتراط القدرة على الزاد عام في حق كل أحد حتى أهل مكة، وأما القدرة على الراحلة فشرط في حق غير المكي وأما هو فلا. ومن حولها كأهلها لأنه لا يلحقهم مشقة فأشبه السعي إلى الجمعة، أما إذا كان لا يستطيع المشي أصلا فلا بد منه في حق الكل. وفي قوله وما لا بد منه إشارة إلى أن المسكن لا بد أن
(٥٤٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 543 544 545 546 547 548 549 550 551 552 553 ... » »»
الفهرست