فإذا لم يكن بحيث يحاذي فعلى مرحلتين إلى مكة. ولعل مرادهم بالمحاذاة المحاذاة القريبة من الميقات وإلا فآخر المواقيت باعتبار المحاذاة قرن المنازل. ذكر لي بعض أهل العلم من الشافعية المقيمين بمكة في الحجة الرابعة للعبد الضعيف أن المحاذاة حاصلة في هذا الميقات فينبغي على مذهب الحنيفة أن لا يلزم الاحرام من رابغ بل من خليص القرية المعروفة فإنه حينئذ يكون محاذيا لآخر المواقيت وهو قرن فأجبته بجوابين: الأول أن احرام المصري والشامي لم يكن بالمحاذاة وإنما هو بالمرور على الجحفة وإن لم تكن معروفة وإحرامهم قبلها احتياطا، والمحاذاة إنما تعتبر عند عدم المرور على المواقيت. الثاني أن مرادهم المحاذاة القريبة ومحاذاة القريبة ومحاذاة المارين لقرن بعيدة لأن بينهم وبينه بعض جبال والله أعلم بحقيقة الحال. أطلق في الاحرام فشمل إحرام الحج واحرام العمرة لأنه لا فرق بينهما في حق الآفاقي، وشمل ما إذا كان قاصدا عند المجاوزة الحج أو العمرة أو التجارة أو القتال أو غير ذلك بعد أن يكون قد قصد دخول مكة لأن الاحرام لتعظيم هذه البقعة الشريفة فاستوى فيه الكل، وأما دخوله صلى الله عليه وسلم مكة بغير إحرام يوم الفتح فكان مختصا بتلك الساعة بدليل قوله صلى الله عليه وسلم في ذلك اليوم مكة حرام لم تحل لاحد بعدي وإنما أحلت لي ساعة من نهار ثم عادت حراما (1) يعني الدخول بغير إحرام لاجماع المسلمين على حل الدخول بعده عليه الصلاة والسلام للقتال. وقيدنا بقصد مكة لأن الآفاقي إذا قصد موضعا من الحل كخليص يجوز له أن يتجاوز الميقات غير محرم وإذا وصل إليه التحق بأهله، ومن كان داخل الميقات فله أن يدخل مكة بغير إحرام إذا لم يقصد الحج أو العمرة وهي الحيلة لمن أراد أن يدخل مكة بغير احرام. وينبغي أن لا تجوز هذه الحيلة للمأمور
(٥٥٧)